687
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام

الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام
686

۷۲۸.الأمالي للصدوق عن عبداللَّه بن منصور عن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين عن أبيه عن جدّه [زين العابدين‏] عليهم السلام : سارَ الحُسَينُ عليه السلام حَتّى‏ نَزَلَ القُطقُطانَةَ ۱ ، فَنَظَرَ إلى‏ فُسطاطٍ مَضروبٍ ، فَقالَ : لِمَن هذَا الفُسطاطُ ؟ فَقيلَ : لِعُبَيدِ اللَّهِ بنِ الحُرِّ الجُعفِيِّ ، فَأَرسَلَ إلَيهِ الحُسَينُ عليه السلام فَقالَ : أيُّهَا الرَّجُلُ ، إنَّكَ مُذنِبٌ خاطِئٌ ، وإنَّ اللَّهَ عزّ وجلّ آخِذُكَ بِما أنتَ صانِعٌ إن لَم تَتُب إلَى اللَّهِ تَبارَكَ وتَعالى‏ في ساعَتِكَ هذِهِ فَتَنصُرُني ، ويَكونُ جَدّي شَفيعَكَ بَينَ يَدَيِ اللَّهِ تَبارَكَ وتَعالى‏ .
فَقالَ : يَابنَ رَسولِ اللَّهِ ، وَاللَّهِ لَو نَصَرتُكَ لَكُنتُ أوَّلَ مَقتولٍ بَينَ يَدَيكَ ، ولكِن هذا فَرَسي خُذهُ إلَيكَ ، فَوَاللَّهِ ما رَكِبتُهُ قَطُّ وأنا أرومُ ۲ شَيئاً إلّا بَلَغتُهُ ، ولا أرادَني أحَدٌ إلّا نَجَوتُ عَلَيهِ ، فَدونَكَ فَخُذهُ .
فَأَعرَضَ عَنهُ الحُسَينُ عليه السلام بِوَجهِهِ ، ثُمَّ قالَ : لا حاجَةَ لَنا فيكَ ولا في فَرَسِكَ ، (وَ مَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا )۳ ، ولكِن فِرَّ ، فَلا لَنا ولا عَلَينا ؛ فَإِنَّهُ مَن سَمِعَ واعِيَتَنا أهلَ البَيتِ ثُمَّ لَم يُجِبنا ، كَبَّهُ اللَّهُ عَلى‏ وَجهِهِ في نارِ جَهَنَّمَ . ۴

۷۲۹.الفتوح : سارَ الحُسَينُ عليه السلام حَتّى‏ نَزَلَ في قَصرِ بَني مُقاتِلٍ ، فَإِذا هُوَ بِفُسطاطٍ مَضروبٍ ، ورُمحٍ مَنصوبٍ ، وسَيفٍ مُعَلَّقٍ ، وفَرَسٍ واقِفٍ عَلى‏ مِذوَدِهِ . ۵
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : لِمَن هذَا الفُسطاطُ ؟ فَقيلَ : لِرَجُلٍ يُقالُ لَهُ عُبَيدُ اللَّهِ بنُ الحُرِّ الجُعفِيُّ ، قالَ : فَأَرسَلَ الحُسَينُ عليه السلام بِرَجُلٍ مِن أصحابِهِ يُقالُ لَهُ الحَجّاجُ بنُ مَسروقٍ الجُعفِيُّ .
فَأَقبَلَ حَتّى‏ دَخَلَ عَلَيهِ في فُسطاطِهِ ، فَسَلَّمَ عَلَيهِ فَرَدَّ عَلَيهِ السَّلامَ ، ثُمَّ قالَ : ما وَراءَكَ ؟ فَقالَ الحَجّاجُ : وَاللَّهِ ! وَرائي يَابنَ الحُرِّ [ الخَيرُ ] ۶ ، وَاللَّهِ! قَد أهدَى اللَّهُ إلَيكَ كَرامَةً إن قَبِلتَها ! قالَ : وما ذاكَ ؟ فَقالَ : هذَا الحُسَينُ بنُ عَلِيٍّ عليه السلام يَدعوكَ إلى‏ نُصرَتِهِ ؛ فَإِن قاتَلتَ بَينَ يَدَيهِ اُجِرتَ ، وإن مِتَّ فَإِنَّكَ استُشهِدتَ !
فَقالَ لَهُ عُبَيدُ اللَّهِ : وَاللَّهِ! ما خَرَجتُ مِنَ الكوفَةِ إلّا مَخافَةَ أن يَدخُلَهَا الحُسَينُ بنُ عَلِيٍّ عليه السلام وأنا فيها فَلا أنصُرُهُ ؛ لِأَنَّهُ لَيسَ لَهُ فِي الكوفَةِ شيعَةٌ ولا أنصارٌ إلّا وقَد مالوا إلَى الدُّنيا ، إلّا مَن عَصَمَ اللَّهُ مِنهُم ، فَارجِع إلَيهِ وخَبِّرهُ بِذاكَ .
فَأَقبَلَ الحَجّاجُ إلَى الحُسَينِ عليه السلام فَخَبَّرَهُ بِذلِكَ ، فَقامَ الحُسَينُ عليه السلام ثُمَّ صارَ إلَيهِ في جَماعَةٍ مِن إخوانِهِ ، فَلَمّا دَخَلَ وسَلَّمَ وَثَبَ عُبَيدُ اللَّهِ بنُ الحُرِّ مِن صَدرِ المَجلِسِ ، وجَلَسَ الحُسَينُ عليه السلام فَحَمِدَ اللَّهَ وأثنى عَلَيهِ ، ثُمَّ قالَ :
أمّا بَعدُ ، يَابنَ الحُرِّ ! فَإِنَّ مِصرَكُم هذِهِ كَتَبوا إلَيَّ ، وخَبَّروني أنَّهُم مُجتَمِعونَ عَلى‏ نُصرَتي ، وأن يَقوموا دوني ويُقاتِلوا عَدُوّي ، وإنَّهُم سَأَلوني القُدومَ عَلَيهِم فَقَدِمتُ ، ولَستُ أدرِي القَومَ عَلى‏ ما زَعَموا ، لِأَنَّهُم قَد أعانوا عَلى‏ قَتلِ ابنِ عَمّي مُسلمِ بنِ عَقيلٍ وشيعَتِهِ ، وأجمَعوا عَلَى ابنِ مَرجانَةَ عُبَيدِ اللَّهِ بنِ زِيادٍ مُبايِعينَ ۷ لِيَزيدَ بنِ مُعاوِيَةَ .
وأنتَ يَابنَ الحُرِّ ، فَاعلَم أنَّ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ مُؤاخِذُكَ بِما كَسَبتَ وأسلَفتَ مِنَ الذُّنوبِ فِي الأَيّامِ الخالِيَةِ ، وأنَا أدعوكَ في وَقتي هذا إلى‏ تَوبَةٍ تَغسِلُ بِها ما عَلَيكَ مِنَ الذُّنوبِ ، وأدعوكَ إلى‏ نُصرَتِنا أهلَ البَيتِ ، فَإِن اُعطينا حَقَّنا حَمِدنَا اللَّهَ عَلى‏ ذلِكَ وقَبلِناهُ ، وإن مُنعِنا حَقَّنا ورُكِبنا بِالظُّلمِ ، كُنتَ مِن أعواني عَلى‏ طَلَبِ الحَقِّ .
فَقالَ عُبَيدُ اللَّهِ بنُ الحُرِّ : وَاللَّهِ يَابنَ بِنتِ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ! لَو كانَ لَكَ بِالكوفَةِ أعوانٌ يُقاتِلونَ مَعَكَ لَكُنتُ أنا أشَدَّهُم عَلى‏ عَدُوِّكَ ، ولكِنّي رَأَيتُ شيعَتَكَ بِالكوفَةِ وقَد لَزِموا مَنازِلَهُم ، خَوفاً مِن بَني اُميَّةَ ومِن سُيوفِهِم ، فَأَنشُدُكَ بِاللَّهِ أن تَطلُبَ مِنّي هذِهِ المَنزِلَةَ ، وأنا اُواسيك بِكُلِّ ما أقدِرُ عَلَيهِ ، وهذِهِ فَرَسي مُلجَمَةٌ ، وَاللَّهِ ما طَلَبتُ عَلَيها شَيئاً إلّا أذَقتُهُ حِياضَ المَوتِ ، ولا طُلِبتُ وأنا عَلَيها فَلُحِقتُ ، وخُذ سَيفي هذا فَوَاللَّهِ ما ضَرَبتُ بِهِ إلّا قَطَعتُ .
فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام : يَابنَ الحُرِّ ! ما جِئناكَ لِفَرَسِكَ وسَيفِكَ ! إنَّما أتَيناكَ لِنَسأَلَكَ النُّصرَةَ ، فَإِن كُنتَ قَد بَخِلتَ عَلَينا بِنَفسِكَ فَلا حاجَةَ لَنا في شَي‏ءٍ مِن مالِكَ ، ولَم أكُن بِالَّذي أتَّخِذُ المُضِلّين عَضُداً ؛ لاَِنّي قَد سَمِعتُ رَسولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله وهُوَ يَقولُ : «مَن سَمِعَ داعِيَةَ ۸ أهلِ بَيتي ولَم يَنصُرهُم عَلى‏ حَقِّهِم ، إلّا أكَبَّهُ اللَّهُ عَلى‏ وَجهِهِ فِي النّارِ» . ثُمَّ سارَ الحُسَينُ عليه السلام مِن عِندِهِ ورَجِعَ إلى‏ رَحلِهِ .
فَلَمّا كانَ مِنَ الغَدِ رَحَلَ الحُسَينُ عليه السلام ، ونَدِمَ ابنُ الحُرِّ عَلى‏ ما فاتَهُ مِن نُصرَتِهِ ، فَأَنشَأَ يَقولُ :
أراها حَسرَةً ما دُمتُ حَيّاًتَرَدَّدُ بَينَ صَدري وَالتَّراقي‏
حُسَينٌ حينَ يَطلُبُ بَذلَ نَصري‏عَلى‏ أهلِ العَداوَةِ وَالشِّقاقِ‏
فَلَو واسَيتُهُ يَوماً بِنَفسي‏لَنِلتُ كَرامَةً يَومَ التَّلاقي‏
مَعَ ابنِ مُحَمَّدٍ تَفديهِ نَفسي‏فَوَدَّعَ ثُمَّ وَلّى‏ بِانطِلاقِ‏
غَداةَ يَقولُ لي بِالقَصرِ قَولاًأتَترُكُنا وتَعزِمُ بِالفِراقِ‏
فَلَو فَلَقَ التَّلَهُّبُ قَلبَ حَيً‏ّلَهَمَّ القَلبُ مِنّي بِانفِلاقِ‏
فَقَد فازَ الَّذي نَصَرَ الحُسَينَ۹وخابَ الأَخسَرونَ ذَوُو النِّفاقِ‏
قالَ : وسارَ الحُسَينُ عليه السلام عَلى‏ مَرحَلَتَينِ مِنَ الكوفَةِ . ۱۰

1.إنّ محلّ لقاء الإمام الحسين عليه السلام مع عبيداللَّه بن الحرّ الجعفي هو قصر بني مقاتل على المشهور .

2.الرَّوم : الطلب (القاموس المحيط : ج ۴ ص ۱۲۳ «روم») .

3.الكهف : ۵۱ .

4.الأمالي للصدوق : ص ۲۱۹ ح ۲۳۹ ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۱۵ ح ۱ .

5.المِذوَد - كَمِنبَر - : مُعتَلَف الدابّة (القاموس المحيط : ج‏۱ ص‏۲۹۳ «ذود») .

6.ما بين المعقوفين سقط من المصدر ، وأثبتناه من مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي ، ولا يصحّ السياق بدونه .

7.في المصدر : «يبايعني» ، والصواب ما أثبتناه كما في مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي .

8.كذا في المصدر ، والظاهر أنّ الصواب : «واعية» ، كما في مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي وكما في نقولٍ اُخرى .

9.كذا في المصدر ، وهو خطأ واضح ، والصواب ما في مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : «لقد فاز الاُلى‏ نصروا حسيناً» .

10.الفتوح : ج ۵ ص ۷۳ ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۲۲۶ نحوه وراجع : الأخبار الطوال : ص ۲۶۲ .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام
عدد المشاهدين : 309081
الصفحه من 850
طباعه  ارسل الي