۷۵۸.الفتوح : أرسَلَ إلَيهِ [أي إلى عُمَرَ بنِ سَعدٍ] الحُسَينُ عليه السلام بُرَيراً ، فَقالَ بُرَيرٌ : يا عُمَرَ بنَ سَعدٍ ، أتَترُكُ أهلَ بَيتِ النُّبُوَّةِ يَموتونَ عَطَشاً ، وحُلتَ بَينَهُم وبَينَ الفُراتِ أن يَشرَبوهُ وتَزعُمُ أنَّكَ تَعرِفُ اللَّهَ ورَسولَهُ ؟!
قالَ : فَأَطرَقَ عُمَرُ بنُ سَعدٍ ساعَةً إلَى الأَرضِ ، ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ وقالَ : إنّي - وَاللَّهِ - أعلَمُهُ يا بُرَيرُ عِلماً يَقيناً ، أنَّ كُلَّ مَن قاتَلَهُم وغَصَبَهُم عَلى حُقوقِهِم فِي النّارِ لا مَحالَةَ ، ولكِن وَيحَكَ يا بُرَيرُ ! أتُشيرُ عَلَيَّ أن أترُكَ وِلايَةَ الرَّيِّ فَتَصيرَ لِغَيري ؟ ما أجِدُ نَفسي تُجيبُني إلى ذلِكَ أبَداً ، ثُمَّ أنشَأَ يَقولُ :
دَعاني عُبَيدُ اللَّهِ مِن دونِ قَومِهِإلى خِطَّةٍ فيها خَرَجتُ لِحيني
فَوَاللَّهِ لا أدري وإنّي لَواقِفٌعَلى خَطَرٍ بعظمٍ عليّ وسيني۱
أأترُكُ مُلكَ الرَّيِّ وَالرَّيُّ رَغبَةٌأمَ ارجِعُ مَذموماً بِثَأرِ حُسَينِ۲
وفي قَتلِهِ النّارُ الَّتي لَيس دونَهاحِجابٌ ومُلكُ الرَّيِّ قُرَّةُ عَيني
قالَ : فَرَجَعَ بُرَيرُ بنُ حُضَيرٍ إلَى الحُسَينِ عليه السلام ، فَقالَ : يَابنَ بِنتِ رَسولِ اللَّهِ ، إنَّ عُمَرَ بنَ سَعدٍ قَد رَضِيَ أن يَقتُلَكَ بِمُلكِ الرَّيِّ! ۳
۷۵۹.مطالب السؤول : كَتَبَ عُبَيدُ اللَّهِ كِتاباً إلى عُمَرَ بنِ سَعدٍ يَحُثُّهُ عَلى مُناجَزَةِ الحُسَينِ عليه السلام ، فَعِندَها ضَيَّقَ الأَمرَ عَلَيهِم ، وَاشتَدَّ بِهِمُ العَطَشُ ، فَقالَ إنسانٌ مِن أصحابِ الحُسَينِ عليه السلام يُقالُ لَهُ يَزيدُ بنُ حُصَينٍ الهَمدانِيُّ - وكانَ زاهِداً - لِلحُسَينِ عليه السلام : إيذَن لي يَابنَ رَسولِ اللَّهِ لِآتِيَ ابنَ سَعدٍ فَاُكَلِّمَهُ في أمرِ الماءِ عَساهُ يَرتَدِعُ ، فَقالَ لَهُ : ذلِكَ إلَيكَ .
فَجاءَ الهَمدانِيُّ إلى عُمَرَ بنِ سَعدٍ ، فَدَخَلَ عَلَيهِ ولَم يُسَلِّم ، قالَ : يا أخا هَمدانَ ، ما مَنَعَكَ مِنَ السَّلامِ عَلَيَّ ؟ ألَستُ مُسلِماً أعرِفُ اللَّهَ ورَسولَهُ ؟
فَقالَ لَهُ الهَمدانِيُّ : لَو كُنتَ مُسلِماً كَما تَقولُ لَما خَرَجتَ إلى عِترَةِ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله تُريدُ قَتلَهُم ! وبَعدُ ، فَهذا ماءُ الفُراتِ يَشرَبُ مِنهُ كِلابُ السَّوادِ وخَنازيرُها ، وهذَا الحُسَينُ بنُ عَلِيٍّ عليه السلام وإخوَتُهُ ونِساؤُهُ وأهلُ بَيتِهِ يَموتونَ عَطَشاً ، قَد حُلتَ بَينَهُم وبَينَ ماءِ الفُراتِ أن يَشرَبوهُ وتَزعُمُ أنَّكَ تَعرِفُ اللَّهَ ورَسولَهُ ؟!
فَأَطرَقَ عُمَرُ بنُ سَعدٍ ، ثُمَّ قالَ : وَاللَّهِ يا أخا هَمدانَ ، إنّي لَأَعلَمُ حُرمَةَ أذاهُم ولكِن :
دَعاني عُبَيدُ اللَّهِ مِن دونِ قَومِهِإلى خِطَّةٍ فيها خَرَجتُ لِحيني
فَوَاللَّهِ ما أدري وإنّي لَواقِفٌعَلى خَطَرٍ لا أرتَضيهِ ومَيني۴
أأترُكُ مُلكَ الرَّيِّ وَالرَّيُّ رَغبَةٌأمَ ارجِعُ مَطلوباً بِقَتلِ حُسَينِ
وفي قَتلِهِ النّارُ الَّتي لَيسَ دونَهاحِجابٌ ومُلكُ الرَّيِّ قُرَّةُ عَيني
يا أخا هَمدانَ ! ما أجِدُ نَفسي تُجيبُني إلى تَركِ الرَّيِّ لِغَيري .
فَرَجَعَ يَزيدُ بنُ حُصَينِ الهَمدانِيُّ ، فَقالَ لِلحُسَينِ عليه السلام : يَابنَ رَسولِ اللَّهِ ، إنَّ عُمَرَ بنَ سَعدٍ قَد رَضِيَ أن يَقتُلَكَ بِوِلايَةِ الرَّيِّ! ۵
1.هكذا في المصدر ، ولكن في مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : «اُفكّر في أمري على خطرين» .
2.في مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : «أم أرجع مأثوماً بقتل الحسين» .
3.الفتوح : ج ۵ ص ۹۶ ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۲۴۸ نحوه .
4.المَيْنُ : الكَذِب (الصحاح : ج ۶ ص ۲۲۱۰ «مين») .
5.مطالب السؤول : ص ۷۵ ، الفصول المهمّة : ص ۱۸۹ نحوه ؛ كشف الغمّة : ج ۲ ص ۲۵۹ وراجع : المناقب لابن شهرآشوب : ج ۴ ص ۹۸ .