717
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام

۷۶۱.الأخبار الطوال : وَجَّهَ الحُصَينَ بنَ نُمَيرٍ وحَجّارَ بنَ أبجَرَ وشَبَثَ بنَ رِبعِيٍّ وشِمرَ بنَ ذِي الجَوشَنِ ، لِيُعاوِنوا عُمَرَ بنَ سَعدٍ عَلى‏ أمرِهِ ، فَأَمّا شِمرٌ فَنَفَذَ لِما وَجَّهَهُ لَهُ ، وأمّا شَبَثٌ فَاعتَلَّ بِمَرَضٍ ، فَقالَ لَهُ ابنُ زِيادٍ : أتَتَمارَضُ ؟ إن كُنتَ في طاعَتِنا فَاخرُج إلى‏ قِتالِ عَدُوِّنا . فَلَمّا سَمِعَ شَبَثٌ ذلِكَ خَرَجَ ، ووَجَّهَ أيضاً الحارِثَ بنَ يَزيدَ بنِ رُوَيمٍ .
قالوا : وكانَ ابنُ زِيادٍ إذا وَجَّهَ الرَّجُلَ إلى‏ قِتالِ الحُسَينِ عليه السلام فِي الجَمعِ الكَثيرِ ، يَصِلونَ إلى‏ كَربَلاءَ ، ولَم يَبقَ مِنهُم إلَّا القَليلُ ، كانوا يَكرَهونَ قِتالَ الحُسَينِ عليه السلام ، فَيَرتَدِعونَ ويَتَخَلَّفونَ . فَبَعَثَ ابنُ زِيادٍ سُوَيدَ بنَ عَبدِ الرَّحمنِ المِنقَرِيَّ في خَيلٍ إلَى الكوفَةِ ، وأمَرَهُ أن يَطوفَ بِها ، فَمَن وَجَدَهُ قَد تَخَلَّفَ أتاهُ بِهِ .
فَبَينا هُوَ يَطوفُ في أحياءِ الكوفَةِ إذ وَجَدَ رَجُلاً مِن أهلِ الشّامِ قَد كانَ قَدِمَ الكُوفَةَ في طَلَبِ ميراثٍ لَهُ ، فَأَرسَلَ بِهِ إلَى ابنِ زِيادٍ ، فَأَمَرَ بِهِ فَضُرِبَت عُنُقُهُ ، فَلَمّا رَأَى النّاسُ ذلِكَ خَرَجوا . ۱

۷۶۲.أنساب الأشراف : قالوا : ولَمّا سَرَّحَ ابنُ زِيادٍ عُمَرَ بنَ سَعدٍ مِن حَمّامِ أعيَنَ ، أمَرَ النّاسَ فَعَسكَروا بِالنُّخَيلَةِ ، وأمَرَ أن لا يَتَخَلَّفَ أحَدٌ مِنهُم ، وصَعِدَ المِنبَرَ ، فَقَرَّظَ مُعاوِيَةَ ، وذَكَرَ إحسانَهُ ، وإدرارَهُ الأَعطِياتِ ، وعِنايَتَهُ بِاُمورِ الثُّغورِ ، وذَكَرَ اجتِماعَ الاُلفَةِ بِهِ وعَلى‏ يَدِهِ ، وقالَ : إنَّ يَزيدَ ابنُهُ المُتَقَيِّلُ لَهُ ، السّالِكُ لِمَناهِجِهِ ، المُحتَذي لِمِثالِهِ ، وقَد زادَكُم مِئَةً مِئَةً في أعطِيَتِكُم ، فَلا يَبقَيَنَّ رَجُلٌ مِنَ العُرَفاءِ وَالمَناكِبِ وَالتُّجّارِ وَالسُّكّانِ إلّا خَرَجَ فَعَسكَرَ مَعي ، فَأَيُّما رَجُلٍ وَجَدناهُ بَعدَ يَومِنا هذا مُتَخَلِّفاً عَنِ العَسكَرِ بَرِئتُ مِنهُ الذِّمَّةَ .
ثُمَّ خَرَجَ ابنُ زِيادٍ فَعَسكَرَ ، وبَعَثَ إلَى الحُصَينِ بنِ تَميمٍ ، وكانَ بِالقادِسِيَّةِ في أربَعَةِ آلافٍ ، فَقَدِمَ النُّخَيلَةَ في جَميعِ مَن مَعَهُ ، ثُمَّ دَعَا ابنُ زِيادٍ كَثيرَ بنَ شِهابٍ الحارِثِيَّ ، ومُحَمَّدَ بنَ الأَشعَثِ بنِ قَيسٍ ، وَالقَعقاعَ بنَ سُوَيدِ بنِ عَبدِ الرَّحمنِ المِنقَرِيَّ ، وأسماءَ بنَ خارِجَةَ الفَزارِيَّ ، وقالَ : طوفوا فِي النّاسِ ، فَمُروهُم بِالطّاعَةِ وَالاِستِقامَةِ ، وخَوِّفوهُم عَواقِبَ الاُمورِ وَالفِتنَةَ وَالمَعصِيَةَ ، وحُثّوهُم عَلَى العَسكَرَةِ .
فَخَرَجوا فَعَذَّروا ۲ وداروا بِالكوفَةِ ، ثُمَّ لَحِقوا بِهِ ، غَيرَ كَثيرِ بنِ شِهابٍ ؛ فَإِنَّهُ كانَ مُبالِغاً يَدورُ بِالكوفَةِ يَأمُرُ النّاسَ بِالجَماعَةِ ، ويُحَذِّرُهُمُ الفِتنَةَ وَالفُرقَةَ ، ويُخَذِّلُ عَنِ الحُسَينِ عليه السلام .
وسَرَّحَ ابنُ زِيادٍ أيضاً حُصَينَ بنَ تَميمٍ في الأَربَعَةِ الآلافِ الَّذينَ كانوا مَعَهُ إلَى الحُسَينِ عليه السلام بَعدَ شُخوصِ عُمَرَ بنِ سَعدٍ بِيَومٍ أو يَومَينِ ، ووَجَّهَ أيضاً إلَى الحُسَينِ عليه السلام حَجّارَ بنَ أبجَرَ العِجلِيَّ في ألفٍ ، وتَمارَضَ شَبَثُ بنُ رِبعِيٍّ ، فَبَعَثَ إلَيهِ فَدَعاهُ وعَزَمَ عَلَيهِ أن يَشخَصَ إلَى الحُسَينِ عليه السلام في ألفٍ فَفَعَلَ .
وكانَ الرَّجُلُ يُبعَثُ في ألفٍ فَلا يَصِلُ إلّا في ثَلاثِمِئَةٍ أو أربَعِمِئَةٍ وأقَلَّ مِن ذلِكَ ، كَراهَةً مِنهُم لِهذَا الوَجهِ .
ووَجَّهَ أيضاً يَزيدَ بنَ الحارِثِ بنِ يَزيدَ بنِ رُوَيمٍ في ألفٍ أو أقَلَّ ، ثُمَّ إنَّ ابنَ زِيادٍ استَخلَفَ عَلَى الكوفَةِ عَمرَو بنَ حُرَيثٍ ، وأمَرَ القَعقاعَ بنَ سُوَيدِ بنِ عَبدِ الرَّحمنِ بنِ بُجَيرٍ المِنقَرِيَّ بِالتَّطوافِ بِالكوفَةِ في خَيلٍ ، فَوَجَدَ رَجُلاً مِن هَمدانَ قَد قَدِمَ يَطلُبُ ميراثاً لَهُ بِالكوفَةِ ، فَأَتى‏ بِهِ ابنَ زِيادٍ فَقَتَلَهُ ، فَلَم يَبقَ بِالكوفَةِ مُحتَلِمٌ إلّا خَرَجَ إلَى العَسكَرِ بِالنُّخَيلَةِ .
ثُمَّ جَعَلَ ابنُ زِيادٍ يُرسِلُ العِشرينَ وَالثَّلاثينَ وَالخَمسينَ إلَى المِئَةِ غُدوَةً وضَحوَةً ونِصفَ النَّهارِ وعَشِيَّةً مِنَ النُّخَيلَةِ ، يُمِدُّ بِهِم عُمَرَ بنَ سَعدٍ ، وكانَ يَكرَهُ أن يَكونَ هَلاكُ الحُسَينِ عليه السلام عَلى‏ يَدِهِ . فَلَم يَكُن شَي‏ءٌ أحَبَّ إلَيهِ مِن أن يَقَعَ الصُّلحُ .
ووَضَعَ ابنُ زِيادٍ المَناظِرَ عَلَى الكوفَةِ ؛ لِئَلّا يَجوزَ أحَدٌ مِنَ العَسكَرِ مَخافَةً لِأَن يَلحَقَ الحُسَينَ عليه السلام مُغيثاً لَهُ ، ورَتَّبَ المَسالِحَ ۳ حَولَها ، وجَعَلَ عَلى‏ حَرَسِ الكوفَةِ وَالعَسكَرِ زَحرَ بنَ قَيسٍ الجُعِفيَّ ، ورَتَّبَ بَينَهُ وبَينَ عَسكَرِ عُمَرَ بنِ سَعدٍ خَيلاً مُضَمَّرَةً ۴ مُقَدَّحَةً ۵ ، فَكانَ خَبرُما قِبَلَهُ يَأتيهِ في كُلِّ وَقتٍ. ۶

1.الأخبار الطوال : ص ۲۵۴ ، بغية الطلب في تاريخ حلب : ج ۶ ص ۲۶۲۶ .

2.عذَّروا : قصَّروا ولم يبالغوا ، من التعذير : التقصير (راجع : النهاية : ج ۳ ص ۱۹۸ «عذر») .

3.المسلحة : القوم الذين يحفظون الثغور من العدوّ . وجمع المسلح : مسالح (النهاية : ج ۲ ص ۳۸۸ «سلح») .

4.تضمير الخيل : هو أن يظاهر عليها بالعلف حتّى تسمَن ، ثمّ لا تُعلَف إلّا قوتاً لتخفّ ، وقيل : تشدّ عليها سروجها وتجلّل بالأجلّة حتّى تعرق تحتها ، فيذهب رَهَلُها ويشتدّ لحمها (النهاية : ج ۳ ص ۹۹ «ضمر») .

5.من المجاز : التقديح ؛ وهو تضمير الفرس ، وخيل مقدَّحة : ضامرة كأنّها ضُمِّرت ، فعل ذلك بها (تاج العروس : ج ۴ ص ۱۶۶ «قدح») . وكأنّها استعيرت من القِدح ؛ وهو السهم ، أي أنّها صارت كالسهم في انتصابها وسرعتها .

6.أنساب الأشراف : ج ۳ ص ۳۸۶ وراجع : الطبقات الكبرى (الطبقة الخامسة من الصحابة) : ج ۱ ص ۴۶۶ .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام
716
  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام
عدد المشاهدين : 356197
الصفحه من 850
طباعه  ارسل الي