723
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام

1 / 8

لِقاءُ الإِمامِ عليه السلام وَابنِ سَعدٍ بَينَ العَسكَرَينِ‏

۷۷۱.تاريخ الطبري : قالَ أبو مِخنَفٍ : حَدَّثَني أبو جَنَابٍ عَن هانِئِ بنِ ثُبَيتٍ الحَضرَمِيِّ - وكانَ قَد شَهِدَ قَتلَ الحُسَينِ عليه السلام - قالَ : بَعَثَ الحُسَينُ عليه السلام إلى‏ عُمَرَ بنِ سَعدٍ عَمرَو بنَ قَرَظَةَ بنِ كَعبٍ الأَنصارِيَّ : أنِ القَنِي اللَّيلَ بَينَ عَسكَري وعَسكَرِكَ .
قالَ : فَخَرَجَ عُمَرُ بنُ سَعدٍ في نَحوٍ مِن عِشرينَ فارِساً ، وأقبَلَ حُسَينٌ عليه السلام في مِثلِ ذلِكَ ، فَلَمَّا التَقَوا أمَرَ حُسَينٌ عليه السلام أصحابَهُ أن يَتَنَحَّوا عَنهُ ، وأمَرَ عُمَرُ بنُ سَعدٍ أصحابَهُ بِمِثلِ ذلِكَ .
قالَ : فَانكَشَفنا عَنهُما بِحَيثُ لا نَسمَعُ أصواتَهُما ولا كَلامَهُما ، فَتَكَلَّما فَأَطالا حَتّى‏ ذَهَبَ مِنَ اللَّيلِ هَزيعٌ ۱ ، ثُمَّ انصَرَفَ كُلُّ واحِدٍ مِنهُما إلى‏ عَسكَرِهِ بِأَصحابِهِ .
وتَحَدَّثَ النّاسُ فيما بَينَهُما ظَنّاً يَظُنّونَهُ أنَّ حُسَيناً عليه السلام قالَ لِعُمَرَ بنِ سَعدٍ : اُخرُج مَعي إلى‏ يَزيدَ بنِ مُعاوِيَةَ ونَدَعُ العَسكَرَينِ . قالَ عُمَرُ : إذَن تُهدَمَ داري ، قالَ : أنَا أبنيها لَكَ ، قالَ : إذَن تُؤخَذَ ضِياعي ، قالَ : إذَن اُعطِيَكَ خَيراً مِنها مِن مالي بِالحِجازِ . قالَ : فَتَكَرَّهَ ذلِكَ عُمَرُ .
قالَ : فَتَحَدَّثَ النّاسُ بِذلِكَ ، وشاعَ فيهِم مِن غَيرِ أن يَكونوا سَمِعوا مِن ذلِكَ شَيئاً ولا عَلِموهُ .
قالَ أبو مِخنَفٍ : وأمّا ما حَدَّثَنا بِهِ المُجالِدُ بنُ سَعيدٍ وَالصَّقعَبُ بنُ زُهَيرٍ الأَزدِيُّ وغَيرُهُما مِنَ المُحَدِّثينَ ، فَهُوَ ما عَلَيهِ جَماعَةُ المُحَدِّثينَ ، قالوا : إنَّهُ قالَ : اِختاروا مِنّي خِصالاً ثَلاثاً : إمّا أن أرجِعَ إلَى المَكانِ الَّذي أقبَلتُ مِنهُ ، وإمّا أن أضَعَ يَدي في يَدِ يَزيدَ بنِ مُعاوِيَةَ ، فَيَرى‏ فيما بَيني وبَينَهُ رَأيَهُ ، وإمّا أن تُسَيِّروني إلى‏ أيِّ ثَغرٍ مِن ثُغورِ المُسلِمينَ شِئتُم ، فَأَكونَ رَجُلاً مِن أهلِهِ ، لي ما لَهُم ، وعَلَيَّ ما عَلَيهِم .
قالَ أبو مِخنَفٍ : فَأَمّا عَبدُ الرَّحمنِ بنُ جُندَبٍ فَحَدَّثَني عَن عُقبَةَ بنِ سِمعانَ قالَ : صَحِبتُ حُسَيناً ، فَخَرَجتُ مَعَهُ مِنَ المَدينَةِ إلى‏ مَكَّةَ ، ومِن مَكَّةَ إلَى العِراقِ ، ولَم اُفارِقهُ حَتّى‏ قُتِلَ ، ولَيسَ مِن مُخاطَبَتِهِ النّاسَ كَلِمَةٌ بِالمَدينَةِ ، ولا بِمَكَّةَ ، ولا فِي الطَّريقِ ، ولا بِالعِراقِ ، ولا في عَسكَرٍ إلى‏ يَومِ مَقتَلِهِ إلّا وقَد سَمِعتُها .
ألا وَاللَّهِ ، ما أعطاهُم ما يَتَذاكَرُ النّاسُ وما يَزعُمونَ ؛ مِن أن يَضَعَ يَدَهُ في يَدِ يَزيدَ بنِ مُعاوِيَةَ ، ولا أن يُسَيِّروهُ إلى‏ ثَغرٍ مِن ثُغورِ المُسلِمينَ ، ولكِنَّهُ قالَ : دَعوني فَلَأَذهَبُ في هذِهِ الأَرضِ العَريضَةِ حَتّى‏ نَنظُرَ ما يَصيرُ أمرُ النّاسِ . ۲

1.هَزيعٌ من الليل : أي طائفة منه ، نحو ثلثه أو ربعه (النهاية : ج ۵ ص ۲۶۲ «هزع») .

2.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۴۱۳ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۵۶ نحوه وراجع : الطبقات الكبرى (الطبقة الخامسة من الصحابة) : ج ۱ ص ۴۶۵ وسير أعلام النبلاء : ج ۳ ص ۳۱۱ وتاريخ دمشق : ج ۱۴ ص ۲۲۰ .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام
722

۷۶۸.إعلام الورى : نَزَلَ [الإِمامُ الحُسَينُ عليه السلام‏] وذلِكَ في يَومِ الخَميسِ ، الثّاني مِنَ المُحَرَّمِ ، سَنَةَ إحدى‏ وسِتّينَ ، فَلَمّا كانَ مِنَ الغَدِ قَدِمَ عَلَيهِم عُمَرُ بنُ سَعدِ بنِ أبي وَقّاصٍ في أربَعَةِ آلافِ فارِسٍ ، فَنَزَلَ نِينَوى‏ ، فَبَعَثَ إلَى الحُسَينِ عليه السلام ، عُروَةَ بنَ قَيسٍ الأَحمَسِيَّ ، فَقالَ لَهُ : فَأتِهِ فَسَلهُ مَا الَّذي جاءَ بِكَ ؟ وكانَ عُروَةُ مِمَّن كَتَبَ إلَى الحُسَينِ عليه السلام ، فَاستَحيى‏ مِنهُ أن يَأتِيَهُ ، فَعَرَضَ ذلِكَ عَلَى الرُّؤَساءِ ، فَكُلُّهُم أبى‏ ذلِكَ لِمَكانِ أنَّهُم كاتَبوهُ ، فَدَعا عُمَرُ قُرَّةَ بنَ قَيسٍ الحَنظَلِيَّ فَبَعَثَهُ ، فَجاءَ ، فَسَلَّمَ عَلَى الحُسَينِ عليه السلام ، فَبَلَّغَهُ رِسالَةَ ابنِ سَعدٍ .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : كَتَبَ إلَيَّ أهلُ مِصرِكُم هذا أن أقدَمَ ، فَأَمّا إذا كَرِهوني فَأَنَا أنصَرِفُ عَنكُم . ۱

۷۶۹.الملهوف : قالَ الرّاوي : ونَدَبَ عُبَيدُ اللَّهِ بنُ زِيادٍ أصحابَهُ إلى‏ قِتالِ الحُسَينِ عليه السلام فَاتَّبَعوهُ ، وَاستَخَفَّ قَومَهُ فَأَطاعوهُ ، وَاشتَرى‏ مِن عُمَرَ بنِ سَعدٍ آخِرَتَهُ بِدُنياهُ ، ودَعاهُ إلى‏ وِلايَةِ الحَربِ فَلَبّاهُ ، وخَرَجَ لِقِتالِ الحُسَينِ عليه السلام في أربَعَةِ آلافِ فارِسٍ ، وأتبَعَهُ ابنُ زِيادٍ بِالعَساكِرِ ، حَتّى‏ تَكامَلَت عِندَهُ إلى‏ سِتِّ لَيالٍ خَلَونَ مِنَ المُحَرَّمِ عِشرونَ ألفاً ، فَضَيَّقَ عَلَى الحُسَينِ عليه السلام حَتّى‏ نالَ مِنهُ العَطَشُ ومِن أصحابِهِ . ۲

1 / 7

كِتابُ ابنِ زِيادٍ إلَى الإِمامِ عليه السلام وَامتِناعُهُ عَنِ الجَوابِ‏

۷۷۰.الفتوح : أقبَلَ الحُرُّ بنُ يَزيدَ حَتّى‏ نَزَلَ حِذاءَ الحُسَينِ عليه السلام في ألفِ فارِسٍ ، ثُمَّ كَتَبَ إلى‏ عُبَيدِ اللَّهِ بنِ زِيادٍ يُخبِرُهُ أنَّ الحُسَينَ نَزَلَ بِأَرضِ كَربَلاءَ ، قالَ : فَكَتَبَ عُبَيدُ اللَّهِ بنُ زِيادٍ إلَى الحُسَينِ عليه السلام : أمّا بَعدُ يا حُسَينُ ، فَقَد بَلَغَني نُزولُكَ بِكَربَلاءَ ، وقَد كَتَبَ إلَيَّ أميرُ المُؤمِنينَ يَزيدُ بنُ مُعاوِيَةَ أن لا أتَوَسَّدَ الوَثيرَ ۳ ولا أشبَعَ مِنَ الخُبزِ أو اُلحِقَكَ بَاللَّطيفِ الخَبيرِ ، أو تَرجِعَ إلى‏ حُكمي وحُكمِ يَزيدَ بنِ مُعاوِيَةَ ، وَالسَّلامُ .
فَلَمّا وَرَدَ الكِتابُ قَرَأَهُ الحُسَينُ عليه السلام ، ثُمَّ رَمى‏ بِهِ ، ثُمَّ قالَ : لا أفلَحَ قَومٌ آثَروا مَرضاةَ أنفُسِهِم عَلى‏ مَرضاةِ الخالِقِ . فَقالَ لَهُ الرَّسولُ : أبا عَبدِ اللَّهِ ، جَوابُ الكِتابِ ؟
قالَ : ما لَهُ عِندي جَوابٌ ؛ لِأَنَّهُ قَد حَقَّت عَلَيهِ كَلِمَةُ العَذابِ .
فَقالَ الرَّسولُ لِابنِ زِيادٍ ذلِكَ ، فَغَضِبَ مِن ذلِكَ أشَدَّ الغَضَبِ . ۴

1.إعلام الورى : ج ۱ ص ۴۵۱ .

2.الملهوف : ص ۱۴۵ وراجع : كشف الغمّة : ج ۲ ص ۲۹۲ و ص ۲۵۹ ومطالب السؤول : ص ۷۲ و ص ۷۵ .

3.الوَثيرُ : الفِراشُ الوطي‏ء (الصحاح : ج ۲ ص ۸۴۴ «وثر») .

4.الفتوح : ج ۵ ص ۸۴ ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۲۳۹ ، مطالب السؤول : ص ۷۵ ؛ المناقب لابن شهرآشوب : ج ۴ ص ۹۸ ، كشف الغمّة : ج ۲ ص ۲۵۹ كلّها نحوه ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۸۳ .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام
عدد المشاهدين : 312892
الصفحه من 850
طباعه  ارسل الي