749
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام

الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام
748

1 / 17

كلام الإِمامِ مَعَ أهل بَيتِهِ وأصحابِهِ وعَرضُهُ عَلَيهِمُ الاِنصِرافَ عَنهُ جَميعاً

۸۰۹.تاريخ الطبري عن أبي مخنف عن الحارث بن حصيرة عن عبداللَّه بن شريك العامريّ عن عليّ بن الحسين عليه السلام : جَمَعَ الحُسَينُ عليه السلام أصحابَهُ بَعدَما رَجَعَ عُمَرُ بنُ سَعدٍ ، وذلِكَ عِندَ قُربِ المَساءِ ، قالَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليه السلام : فَدَنَوتُ مِنهُ لِأَسمَعَ وأنَا مَريضٌ ، فَسَمِعتُ أبي وهُوَ يَقولُ لِأَصحابِهِ :
اُثني عَلَى اللَّهِ تَبارَكَ وتَعالى‏ أحسَنَ الثَّناءِ ، وأحمَدُهُ عَلَى السَّرّاءِ وَالضَّرّاءِ ، اللَّهُمَّ إنّي أحمَدُكَ عَلى‏ أن أكرَمتَنا بِالنُّبُوَّةِ ، وعَلَّمتَنَا القُرآنَ ، وفَقَّهتَنا فِي الدّينِ ، وجَعَلتَ لَنا أسماعاً وأبصاراً وأفئِدَةً ، ولَم تَجعَلنا مِنَ المُشرِكينَ .
أمّا بَعدُ ، فَإِنّي لا أعلَمُ أصحاباً أولى‏ ولا خَيراً مِن أصحابي ، ولا أهلَ بَيتٍ أبَرَّ ولا أوصَلَ مِن أهلِ بَيتي ، فَجَزاكُمُ اللَّهُ عَنّي جَميعاً خَيراً ، ألا وإنّي أظُنُّ يَومَنا مِن هؤُلاءِ الأَعداءِ غَداً ، ألا وإنّي قَد رَأَيتُ لَكُم ، فَانطَلِقوا جَميعاً في حِلٍّ ، لَيسَ عَلَيكُم مِنّي ذِمامٌ ، هذا لَيلٌ قَد غَشِيَكُم ، فَاتَّخِذوهُ جَمَلاً . ۱

1 / 18

جَوابُ أهلِ بَيتِهِ وأصحابِهِ‏

۸۱۰.تاريخ الطبري عن الضحّاك بن عبداللَّه المشرقيّ : قَدِمتُ ومالِكَ بنَ النَّضرِ الأَرحَبِيَّ عَلَى الحُسَينِ عليه السلام ، فَسَلَّمنا عَلَيهِ ، ثُمَّ جَلَسنا إلَيهِ ، فَرَدَّ عَلَينا ، ورَحَّبَ بِنا ، وسَأَلَنا عَمّا جِئنا لَهُ ، فَقُلنا : جِئنا لِنُسَلِّمَ عَلَيكَ ، ونَدعُوَ اللَّهَ لَكَ بِالعافِيَةِ ، ونُحدِثَ بِكَ عَهداً ، ونُخبِرَكَ خَبَرَ النّاسِ ، وإنّا نُحَدِّثُكَ أنَّهُم قَد جَمَعوا عَلى‏ حَربِكَ فَرَ رَأيَكَ .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : حَسبِيَ اللَّهُ ونِعمَ الوَكيلُ ! قالَ : فَتَذَمَّمنا وسَلَّمنا عَلَيهِ ، ودَعَونَا اللَّهَ لَهُ .
قالَ : فَما يَمنَعُكُما مِن نُصرَتي ؟ فَقالَ مالِكُ بنُ النَّضرِ : عَلَيَّ دَينٌ ، ولي عِيالٌ ، فَقُلتُ لَهُ : إنَّ عَلَيَّ دَيناً ، وإنَّ لي لَعِيالاً ، ولكِنَّكَ إن جَعَلتَني في حِلٍّ مِنَ الاِنصِرافِ إذا لَم أجِد مُقاتِلاً قاتَلتُ عَنكَ ما كانَ لَكَ نافِعاً ، وعَنكَ دافِعاً!
قالَ : قالَ : فَأَنتَ في حِلٍّ ، فَأَقَمتُ مَعَهُ ، فَلَمّا كانَ اللَّيلُ قالَ : هذَا اللَّيلُ قَد غَشِيَكُم ، فَاتَّخِذوهُ جَمَلاً ، ثُمَّ لِيَأخُذ كُلُّ رَجُلٍ مِنكُم بِيَدِ رَجُلٍ مِن أهلِ بَيتي ، تَفَرَّقوا في سَوادِكُم ومَدائِنِكُم حَتّى‏ يُفَرِّجَ اللَّهُ ، فَإِنَّ القَومَ إنَّما يَطلُبُوني ، ولَو قَد أصابوني لَهَوا عَن طَلَبِ غَيري .
فَقالَ لَهُ إخوَتُهُ وأبناؤُهُ وبَنو أخيهِ وَابنا عَبدِ اللَّهِ بنِ جَعفَرٍ : لِمَ نَفعَلُ؟ لِنَبقى‏ بَعدَكَ ؟ لا أرانَا اللَّهُ ذلِكَ أبَداً ، بَدَأَهُم بِهذَا القَولِ العَبّاسُ بنُ عَلِيٍّ عليه السلام ، ثُمَّ إنَّهُم تَكَلَّموا بِهذا ونَحوِهِ .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : يا بَني عَقيلٍ ! حَسبُكُم مِنَ القَتلِ بِمُسلِمٍ ، اذهَبوا قَد أذِنتُ لَكُم ، قالوا : فَما يَقولُ النّاسُ ؟! يَقولونَ إنّا تَرَكنا شَيخَنا وسَيِّدَنا وبَني عُمومَتِنا خَيرَ الأَعمامِ ، ولَم نَرمِ مَعَهُم بِسَهمٍ ، ولَم نَطعَن مَعَهُم بِرُمحٍ ، ولَم نَضرِب مَعَهُم بِسَيفٍ ، ولا نَدري ما صَنَعوا ! لا وَاللَّهِ ، لا نَفعَلُ ، ولكِن تَفدِيكَ أنفُسُنا وأموالُنا وأهلُونا ، ونُقاتِلُ مَعَكَ حَتّى‏ نَرِدَ مَورِدَكَ ، فَقَبَّحَ اللَّهُ العَيشَ بَعدَكَ ... .
قالَ : فَقامَ إلَيهِ مُسلِمُ بنُ عَوسَجَةَ الأَسَدِيُّ ، فَقالَ : أنَحنُ نُخَلّي عَنكَ ولَمّا نُعذِر إلَى اللَّهِ في أداءِ حَقِّكَ ؟! أما وَاللَّهِ ، حَتّى‏ أكسِرَ في صُدورِهِم رُمحي ، وأضرِبَهُم بِسَيفي ما ثَبَتَ قائِمُهُ في يَدي ، ولا اُفارِقُكَ ، ولَو لَم يَكُن مَعي سِلاحٌ اُقاتِلُهُم بِهِ لَقَذَفتُهُم بِالحِجارَةِ دونَكَ حَتّى‏ أموتَ مَعَكَ .
قالَ : وقالَ سَعيدُ بنُ عَبدِ اللَّهِ الحَنَفِيُّ : وَاللَّهِ ، لا نُخَلّيكَ حَتّى‏ يَعلَمَ اللَّهُ أنا حَفِظنا غَيبَةَ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله فيكَ ، وَاللَّهِ ، لَو عَلِمتُ أنّي اُقتَلُ ، ثُمَّ اُحيا ، ثُمَّ اُحرَقُ حَيّاً ، ثُمَّ اُذَرُّ، يُفعَلُ ذلِكَ بي سَبعينَ مَرَّةً ما فارَقتُكَ حَتّى‏ ألقى‏ حِمامي ۲ دونَكَ، فَكَيفَ لا أفعَلُ ذلِكَ ! وإنَّما هِيَ قَتلَةٌ واحِدَةٌ ، ثُمَّ هِيَ الكَرامَةُ الَّتي لَا انقِضاءَ لَها أبَداً ؟!
قالَ : وقالَ زُهَيرُ بنُ القَينِ : وَاللَّهِ ، لَوَدِدتُ أنّي قُتِلتُ ، ثُمَّ نُشِرتُ ، ثُمَّ قُتِلتُ حَتّى‏ اُقتَلَ كَذا ألفَ قَتلَةٍ ، وأنَّ اللَّهَ يَدفَعُ بِذلِكَ القَتلَ عَن نَفسِكَ وعَن أنفُسِ هؤُلاءِ الفِتيَةِ مِن أهلِ بَيتِكَ .
قالَ : وتَكَلَّمَ جَماعَةُ أصحابِهِ بِكَلامٍ يُشبِهُ بَعضُهُ بَعضاً في وَجهٍ واحِدٍ ، فَقالوا : وَاللَّهِ ، لا نُفارِقُكَ ، ولكِنَّ أنفُسَنا لَكَ الفِداءُ ، نَقِيكَ بِنُحورِنا وجِباهِنا وأيدينا ، فَإِذا نَحنُ قُتِلنا كُنّا وَفَّينا ، وقَضَينا ما عَلَينا . ۳

1.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۴۱۸ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۵۹ ؛ الإرشاد : ج ۲ ص ۹۱ ، إعلام‏الورى : ج ۱ ص ۴۵۵ وفيها «أوفى» بدل «أولى» روضة الواعظين : ص ۲۰۲ ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۹۲ كلّها نحوه وراجع : تجارب الاُمم : ج ۲ ص ۷۴ والبداية والنهاية : ج ۸ ص ۱۷۶ .

2.الحِمَامُ : الموت (النهاية : ج ۱ ص ۴۴۶ «حمم») .

3.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۴۱۸ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۵۹ ، البداية والنهاية : ج ۸ ص ۱۷۶ ؛ الإرشاد : ج ۲ ص ۹۱ ، الملهوف : ص‏۱۵۱ ، مثير الأحزان : ص‏۵۳ ، روضة الواعظين : ص ۲۰۲ ، إعلام الورى : ج ۱ ص ۴۵۵ كلّها نحوه ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۹۲ وراجع : الفتوح : ج‏۵ ص‏۹۴ ومقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج‏۱ ص‏۲۴۶ والمنتظم : ج‏۵ ، ص‏۳۷۷ والمناقب لابن شهرآشوب : ج ۴ ص ۹۹ .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام
عدد المشاهدين : 312965
الصفحه من 850
طباعه  ارسل الي