۸۱۳.مقاتل الطالبيّين عن عتبة بن سمعان الكلبي : قامَ الحُسَينُ عليه السلام في أصحابِهِ خَطيباً ، فَقالَ : اللَّهُمَّ إنَّكَ تَعلَمُ أنّي لا أعلَمُ أصحاباً خَيراً مِن أصحابي ، ولا أهلَ بَيتٍ خَيراً مِن أهلِ بَيتي ، فَجَزاكُمُ اللَّهُ خَيراً ، فَقَد آزَرتُم وعاوَنتُم ، وَالقَومُ لا يُريدونَ غَيري ، ولَو قَتَلوني لَم يَبتَغوا غَيري أحَداً ، فَإِذا جَنَّكُمُ اللَّيلُ فَتَفَرَّقوا في سَوادِهِ ، وَانجوا بِأَنفُسِكُم .
فَقامَ إليهِ العَبّاسُ بنُ عَلِيٍّ أخوهُ وعَلِيٌّ ابنُهُ وبَنو عَقيلٍ عليهم السلام ، فَقالوا لَهُ : مَعاذَ اللَّهِ وَالشَّهرِ الحَرامِ ، فَماذا نَقولُ لِلنّاسِ إذا رَجَعنا إلَيهِم ، إنّا تَرَكنا سَيِّدَنا وَابنَ سَيِّدِنا وعِمادَنا ، وتَرَكناهُ غَرَضاً لِلنَّبلِ ، ودَريئَةً ۱ لِلرِّماحِ ، وجَزَراً ۲ لِلسِّباعِ ، وفَرَرنا عَنهُ رَغبَةً فِي الحَياةِ ؟ مَعاذَ اللَّهِ ، بَل نَحيا بِحَياتِكَ ، ونَموتُ مَعَكَ . فَبَكى وبَكَوا عَلَيهِ ، وجَزاهُم خَيراً ، ثُمَّ نَزَلَ صَلَواتُ اللَّهِ عَلَيهِ . ۳
۸۱۴.أنساب الأشراف : عَرَضَ الحُسَينُ عليه السلام عَلى أهلِهِ ومَن مَعَهُ أن يَتَفَرَّقوا ويَجعَلُوا اللَّيلَ جَمَلاً ... ، فَقالوا : قَبَّحَ اللَّهُ العَيشَ بَعدَكَ .
وقالَ مُسلِمُ بنُ عَوسَجَةَ الأَسَدِيُّ : أنُخَلّيكَ ولِمَ نَعذِرُ إلَى اللَّهِ فيكَ في أداءِ حَقِّكَ ؟! لا وَاللَّهِ ، حَتّى أكسِرَ رُمحي في صُدورِهِم ، وأضرِبَهُم بِسَيفي ما ثَبَتَ قائِمُهُ في يَدي ، ولَو لَم يَكُن سِلاحي مَعي لَقَذَفتُهُم بِالحِجارَةِ دونَكَ .
وقالَ لَهُ سَعيدُ بنُ عَبدِ اللَّهِ الحَنَفِيُّ نَحوَ ذلِكَ ، فَتَكَلَّمَ أصحابُهُ بِشَبيهٍ بِهذَا الكَلامِ . ۴
۸۱۵.الطبقات الكبرى (الطبقة الخامسة من الصحابة) : جَمَعَ حُسَينٌ عليه السلام أصحابَهُ في لَيلَةِ عاشوراءَ لَيلَةِ الجُمُعَةِ ، فَحَمِدَ اللَّهَ وأثنى عَلَيهِ ، وذَكَرَ النَّبِيَّ صلى اللَّه عليه وآله وما أكرَمَهُ اللَّهُ بِهِ مِنَ النُّبُوَّةِ ، وما أنعَمَ بِهِ عَلى اُمَّتِهِ وقالَ :
إنّي لا أحسَبُ القَومَ إلّا مُقاتِلوكُم غَداً ، وقَد أذِنتُ لَكُم جَميعاً ، فَأَنتُم في حِلٍّ مِنّي، وهذَا اللَّيلُ قَد غَشِيَكُم ، فَمَن كانَت لَهُ مِنكُم قُوَّةٌ فَليَضُمَّ رَجُلاً مِن أهلِ بَيتي إلَيهِ ، وتَفَرَّقوا في سَوادِكُم حَتّى يَأتِيَ اللَّهُ بِالفَتحِ أو أمرٍ مِن عِندِهِ فَيُصبِحوا عَلى ما أسَرّوا في أنفُسِهِم نادِمينَ ۵ ، فَإِنَّ القَومَ إنَّما يَطلُبونَني ، فَإِذا رَأَوني لَهَوْا عَن طَلَبِكُم .
فَقالَ أهلُ بَيتِهِ : لا أبقانَا اللَّهُ بَعدَكَ ، لا وَاللَّهِ ، لا نُفارِقُكَ حَتّى يُصيبَنا ما أصابَكَ ، وقالَ ذلِكَ أصحابُهُ جَميعاً . فَقالَ : أثابَكُمُ اللَّهُ عَلى ما تَنوُونَ الجَنَّةَ . ۶
1.الدَّرِيئَةُ : الحَلَقَةُ يُتَعَلَّم الطعنُ والرميُ عليها (القاموس المحيط : ج ۱ ص ۱۴ «درأ») .
2.الجَزَرُ : الشياه السمينة ، الواحدة جَزَرَة (لسان العرب : ج ۴ ص ۱۳۴ «جزر») .
3.مقاتل الطالبيّين : ص ۱۱۲ .
4.أنساب الأشراف : ج ۳ ص ۳۹۳ .
5.تضمين للآية ۵۲ من سورة المائدة : (فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِىَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَآ أَسَرُّواْ فِى أَنفُسِهِمْ نَدِمِينَ) .
6.الطبقات الكبرى (الطبقة الخامسة من الصحابة) : ج ۱ ص ۴۶۶ ، سير أعلام النبلاء : ج ۳ ص ۳۰۱ نحوه وراجع : تذكرة الخواصّ : ص ۲۴۹ .