795
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام

الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام
794

۸۵۷.تذكرة الخواصّ : قالَ هِشامُ بنُ مُحَمَّدٍ : لَمّا رَآهُمُ الحُسَينُ عليه السلام مُصِرّينَ عَلى‏ قَتلِهِ ، أخَذَ المُصحَفَ ونَشَرَهُ وجَعَلَهُ عَلى‏ رَأسِهِ ، ونادى‏ : بَيني وبَينَكُم كِتابُ اللَّهِ وجَدّي مُحَمَّدٌ رَسولُ اللَّهِ ، يا قَومِ ، بِمَ تَستَحِلّونَ دَمي ؟ ألَستُ ابنَ بِنتِ نَبِيِّكُم ؟ ألَم يَبلُغكُم قَولُ جَدّي فِيَّ وفي أخي : «هذانِ سَيِّدا شَبابِ أهلِ الجَنَّةِ» ؟ إن لَم تُصَدِّقوني فَاسأَلوا جابِراً وزَيدَ بنَ أرقَمَ وأبا سَعيدٍ الخُدرِيَّ ، ألَيسَ جَعفَرٌ الطَّيّارُ عَمّي ؟
فَناداهُ شِمرٌ : السّاعَةَ تَرِدُ الهاوِيَةَ .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : اللَّهُ أكبَرُ ! أخبَرَني جَدّي رَسولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله فَقالَ : رَأَيتُ كَأَنَّ كَلباً وَلَغَ في دِماءِ أهلِ بَيتي ، وما أخالُكَ إلّا إيّاهُ .
فَقالَ شِمرٌ : أنَا أعبُدُ اللَّهَ عَلى‏ حَرفٍ إن كُنتُ أدري ما تَقولُ. ۱

۸۵۸.الملهوف : رَكِبَ أصحابُ عُمَرَ بنِ سَعدٍ ، فَبَعَثَ الحُسَينُ عليه السلام بُرَيرَ بنَ حُصَينٍ ، فَوَعَظَهُم فَلَم يَسمَعوا ، وذَكَّرَهُم فَلَم يَنتَفِعوا .
فَرَكِبَ الحُسَينُ عليه السلام ناقَتَهُ - وقيلَ فَرَسَهُ - فَاستَنصَتَهُم فَأَنصَتوا ، فَحَمِدَ اللَّهَ وأثنى‏ عَلَيهِ ، وذَكَرَهُ بِما هُوَ أهلُهُ ، وصَلّى‏ عَلى‏ مُحَمَّدٍ صلى اللَّه عليه وآله وعَلَى المَلائِكَةِ وَالأَنبِياءِ وَالرُّسُلِ ، وأبلَغَ فِي المَقالِ ، ثُمَّ قالَ :
تَبّاً لَكُم أيَّتُهَا الجَماعَةُ وتَرَحاً ۲ ! حينَ استَصرَختُمونا والِهينَ ۳ ، فَأَصرَخناكُم موجِفينَ ۴ ، سَلَلتُم عَلَينا سَيفاً لَنا في أيمانِكُم ، وحَشَشتُم ۵ عَلَينا ناراً اقتَدَحناها عَلى‏ عَدُوِّنا وعَدُوِّكُم ، فَأَصبَحتُم أولِياءَ لِأَعدائِكُم عَلى‏ أولِيائِكُم بِغَيرِ عَدلٍ أفشَوهُ فيكُم ، ولا أمَلٍ أصبَحَ لَكُم فيهِم .
فَهَلّا لَكُمُ الوَيلاتُ تَرَكتُمونا وَالسَّيفُ مَشيمٌ ۶ ، وَالجَأشُ ضامِرٌ ، وَالرَّأيُ لَمّا يَستَحصِف ۷ ، ولكِن أسرَعتُم إلَيها كَطَيرِ الدَّبا ۸ ، وتَداعَيتُم إلَيها كَتَهافُتِ الفَراشِ ؛ فَسُحقاً لَكُم يا عَبيدَ الاُمَّةِ ، وشِرارَ الأَحزابِ ، ونَبَذَةَ الكِتابِ ، ومُحَرِّفِي الكَلِمِ ، وعَصَبَةَ الآثامِ ، ونَفَثَةَ الشَّيطانِ ، ومُطفِئِي السُّنَنِ . أهؤُلاءِ تَعضُدونَ وعَنّا تَتَخاذَلونَ ؟ أجَل ، وَاللَّهِ غَدرٌ فيكُم قَديمٌ ، وَشَجَت ۹ عَلَيهِ اُصولُكُم ، وتَأَزَّرَت ۱۰ عَلَيهِ فُروعُكُم ، فَكُنتُم أخبَثَ شَجاً ۱۱ لِلنّاظِرِ واُكلَةً لِلغاصِبِ .
ألا وإنَّ الدَّعِيَّ ابنَ الدَّعِيِّ ۱۲ قَد رَكَزَ بَينَ اثنَتَينِ ، بَينَ السَّلَّةِ وَالذِّلَّةِ ، وهَيهاتَ مِنّا الذِّلَّةُ ، يَأبَى اللَّهُ لَنا ذلِكَ ورَسولُهُ وَالمُؤمِنونَ ، وحُجورٌ طابَت ، وحُجورٌ طَهُرَت ، واُنوفٌ حَمِيَّةٌ ونُفوسٌ أبِيَّةٌ ، مِن أن تُؤثَرَ طاعَةُ اللِّئامِ عَلى‏ مَصارِعِ الكِرامِ .
ألا وإنّي زاحِفٌ بِهذِهِ الاُسرَةِ مَعَ قِلَّةِ العَدَدِ وخِذلانِ النّاصِرِ . ثُمَّ أوصَلَ كَلامَهُ عليه السلام بِأَبياتِ فَروَةَ بنِ مُسَيكٍ المُرادِيِّ :
فَإِن نَهزِم فَهَزّامونَ قِدماًوإن نُغلَب فَغَيرُ مُغَلَّبينا
وما أن طِبُّنا جُبنٌ ولكِن‏مَنايانا ودَولَةُ آخَرينا
إذا مَا المَوتُ رَفَّعَ عَن اُناسٍ‏كَلاكِلَهُ۱۳أناخَ بِآخَرينا
فَأَفنى‏ ذلِكُم سَرَواتِ۱۴قَومي‏كَما أفنَى القُرونُ الأَوَّلينا
فَلَو خَلَدَ المُلوكُ إذاً خَلَدناولَو بَقِيَ الكِرامُ إذاً بَقينا
فَقُل لِلشّامِتينَ بِنا أفيقواسَيَلقَى الشّامِتونَ كَما لَقينا
ثُمَّ قالَ : أما وَاللَّهِ ، لا تَلبَثونَ بَعدَها إلّا كَريثِ ۱۵ ما يُركَبَ الفَرَسُ حَتّى‏ يَدورَ بِكُم دَورَ الرَّحى‏ ، ويَقلَقَ بِكُم قَلَقَ المِحوَرِ ، عَهدٌ عَهِدَهُ إلَيَّ أبي عَن جَدّي (فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ وَ شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُواْ إِلَىَّ وَ لَا تُنظِرُونِ)۱۶ ، (إِنِّى تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّى وَ رَبِّكُم مَّا مِن دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ ءَاخِذُ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّى عَلَى‏ صِرَ طٍ مُّسْتَقِيمٍ)۱۷ . اللَّهُمَّ احبِس عَنهُم قَطرَ السَّماءِ ، وَابعَث عَلَيهِم سِنينَ كَسِني يوسُفَ ، وسَلِّط عَلَيهِم غُلامَ ثَقيفٍ يَسومُهُم كَأساً مُصَبَّرَةً ؛ فَإِنَّهُم كَذَّبونا وخَذَلونا ، وأنتَ رَبُّنا ، عَلَيكَ تَوَكَّلنا ، وإلَيكَ أنَبنا ، وإلَيكَ المَصيرُ . ۱۸

1.تذكرة الخواصّ : ص ۲۵۲ .

2.التَرَحُ : ضدّ الفَرَح ، وهو الهلاك والانقطاع أيضاً (النهاية : ج ۱ ص ۱۸۶ «ترح») .

3.الوَلَهُ : ذهاب العقل والتحيّر من شدّة الوَجْد (الصحاح : ج ۶ ص ۲۲۵۶ «وله») .

4.موجفين : أي مسرعين ، يقال : وَجَفَ الفرسُ والبعير : أسرَعَ (تاج العروس : ج ۱۲ ص ۵۱۷ «وجف») .

5.حَشَّ النارَ : أوقدها (القاموس المحيط : ج ۲ ص ۲۶۸ «حشَّ») .

6.شامَ السّيفَ : سلّهُ وأغمَدَهُ ، وهو من الأضداد (لسان العرب : ج ۱۲ ص ۳۳۰ «شيم») .

7.استحصف الشي‏ء : أي استحكم (الصحاح : ج ۴ ص ۱۳۴۴ «حصف») .

8.الدَّبا : الجراد قبل أن يطير ، وقيل : هو نوع يشبه الجراد (النهاية : ج ۲ ص ۱۰۰ «دبا») .

9.في المصدر : «وشحّت» ، والتصويب من بعض المصادر الاُخرى‏ .

10.تأزّر النبت : التفّ واشتدّ (الصحاح : ج ۲ ص ۵۷۸ «أزر») .

11.الشَّجا : ما اعترض في الحلق من عظم ونحوه (القاموس المحيط : ج ۴ ص ۳۴۷ «شجا») .

12.المراد به هو عبيد اللَّه بن زياد الذي نسبه معاوية إلى «زياد» على خلاف المقرّر في الشريعة الإسلامية، حيث إنّ أباه مجهول ، فعدّه أخاه ومن أبناء أبي سفيان .

13.الكَلْكَل : الصدر أو ما بين الترقوتين (القاموس المحيط : ج ۴ ص ۴۶ «كلّ») .

14.سَرِيّاً : أي نفيساً شريفاً ، وقيل : سخيّاً ذا مروءة (النهاية : ج ۲ ص ۳۶۳ «سري») .

15.لم يلبث إلّا ريثما : أي إلّا قدر ذلك (النهاية : ج ۲ ص ۲۸۷ «ريث») .

16.يونس : ۷۱ .

17.هود : ۵۶ .

18.الملهوف : ص ۱۵۵ ، الاحتجاج : ج ۲ ص ۹۷ ح ۱۶۷ عن مصعب بن عبد اللَّه وليس فيه ذيله من «ثُمّ قال : أما واللَّه» ، تحف العقول : ص ۲۴۰ بزيادة «كتابه عليه السلام إلى أهل الكوفة لمّا ساروا رأى خذلانهم إيّاه» في صدره وليس فيه الأبيات ، مثير الأحزان : ص ۵۴ كلّها نحوه وراجع : إثبات الوصيّة : ص ۱۷۷ .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام
عدد المشاهدين : 349961
الصفحه من 850
طباعه  ارسل الي