يَدي مِسْحاةٌ وأنا أعمَلُ بها ، فلمّا نَظَرتُ إلَيها طارَ قلبي مِمّا تَداخَلَنِي مِن جَمالِها فَشَبَّهتُها ببُثَينَةَ بنتِ عامرٍ الجُمَحيِّ ، وكانت مِن أجمَلِ نِساءِ قُرَيشٍ ، فقالَت : يابنَ أبي طالبٍ ، هل لَكَ أن تَتَزَوَّجَ بي فَاُغنِيَكَ عن هذهِ المِسْحاةِ ، وأدُلَّكَ على خزائنِ الأرضِ فيكونَ لَكَ المُلكُ ما بَقيتَ ولِعَقِبِكَ مِن بعدِكَ ؟
فقالَ لَها عليه السلام : مَن أنتِ حتّى أخطُبَكِ مِن أهلِكِ ؟ فقالَت : أنا الدُّنيا . قالَ : قلتُ لَها : فارجِعِي واطلُبِي زَوجاً غَيرِي وأقبَلْتُ على مِسْحاتِي وأنشأتُ أقولُ :
لقد خابَ مَن غَرَّتْهُ دُنيا دنيّةٌوما هي إن غَرَّتْ قُروناً بنائلِ
أتَتْنا عَلى زِيِّ العزيزِ بُثَينةٌوزِينتُها في مِثل تلكَ الشَّمائلِ
فَقلتُ لها: غُرّي سِوايَ، فَإنَّنيعَزوفٌ عنِ الدُّنيا ولَستُ بجاهلِ
وما أنا والدُّنيا؟! فإنّ محمّداًاُحِلَّ صريعاً بينَ تلكَ الجَنادِلِ
وَهَبْها أتَتْنِي بالكُنُوزِ ودُرِّهاوأموالِ قارونَ وملكِ القبائلِ
ألَيسَ جميعاً للفَناءِ مَصيرُهاويَطلُبُ مِن خُزّانِها بالطوائلِ
فَغُرّي سِواي، إنَّنِي غيرُ راغبٍبما فيكِ مِنْ مُلكٍ وعِزٍّ ونائلِ
فقد قَنَعَتْ نَفسي بما قد رُزِقتُهُفَشَأنُكِ يا دُنيا وأهْلُ الغَوائلِ
فَإنِّي أخَافُ اللَّهَ يومَ لِقائهِوأخْشَى عذاباً دائماً غيرَ زائلِ۱.۲
۶۲۲۸.الإمامُ الصّادقُ عليه السلام: الدُّنيا بِمَنزِلَةِ صُورةٍ رأسُها الكِبرُ ، وعَينُها الحِرصُ ، واُذُنُها الطَّمَعُ ، ولِسانُها الرِّياءُ ، ويَدُها الشَّهوَةُ ، ورِجلُها العُجبُ ، وقَلبُها الغَفلَةُ ، ولَونُها الفَناءُ ، وحاصِلُها الزَّوالُ .۳
1.بحار الأنوار : ۷۵/۳۶۲/۷۷ .
2.وفي نهج الكيدريّ عند شرح قول أمير المؤمنين عليه السلام لهمّام في وصف المتّقين : أرادَتهُمُ الدُّنيا ولم يُرِيدُوها.
نهج البلاغة : الخطبة ۱۹۳ وفيها «أرادتهم الدُّنيا فلم يريدوها» .
قالَ : مِن مُكاشَفاتِ أمير المؤمنين عليه السلام ما رواهُ الصّادق عن آبائه عليهم السلام : - وساق الحديث قريباً ممّا مرّ - ثمّ قال : فهذا معنى قوله عليه السلام : أرادَتهُمُ الدُّنيا ولم يُرِيدُوها . بحار الأنوار : ۷۳/۸۳/۴۷ .
3.بحار الأنوار : ۷۳/۱۰۵/۱۰۰ .