الدّنیا - الصفحه 36

يَدي مِسْحاةٌ وأنا أعمَلُ بها ، فلمّا نَظَرتُ إلَيها طارَ قلبي مِمّا تَداخَلَنِي مِن جَمالِها فَشَبَّهتُها ببُثَينَةَ بنتِ عامرٍ الجُمَحيِّ ، وكانت مِن أجمَلِ نِساءِ قُرَيشٍ ، فقالَت : يابنَ أبي طالبٍ ، هل لَكَ أن تَتَزَوَّجَ بي فَاُغنِيَكَ عن هذهِ المِسْحاةِ ، وأدُلَّكَ على‏ خزائنِ الأرضِ فيكونَ لَكَ المُلكُ ما بَقيتَ ولِعَقِبِكَ مِن بعدِكَ ؟
فقالَ لَها عليه السلام : مَن أنتِ حتّى‏ أخطُبَكِ مِن أهلِكِ ؟ فقالَت : أنا الدُّنيا . قالَ : قلتُ لَها : فارجِعِي واطلُبِي زَوجاً غَيرِي وأقبَلْتُ على‏ مِسْحاتِي وأنشأتُ أقولُ :

لقد خابَ مَن غَرَّتْهُ دُنيا دنيّةٌوما هي إن غَرَّتْ قُروناً بنائلِ‏
أتَتْنا عَلى‏ زِيِّ العزيزِ بُثَينةٌوزِينتُها في مِثل تلكَ الشَّمائلِ‏
فَقلتُ لها: غُرّي سِوايَ، فَإنَّني‏عَزوفٌ عنِ الدُّنيا ولَستُ بجاهلِ‏
وما أنا والدُّنيا؟! فإنّ محمّداًاُحِلَّ صريعاً بينَ تلكَ الجَنادِلِ‏
وَهَبْها أتَتْنِي بالكُنُوزِ ودُرِّهاوأموالِ قارونَ وملكِ القبائلِ‏
ألَيسَ جميعاً للفَناءِ مَصيرُهاويَطلُبُ مِن خُزّانِها بالطوائلِ‏
فَغُرّي سِواي، إنَّنِي غيرُ راغبٍ‏بما فيكِ مِنْ مُلكٍ وعِزٍّ ونائلِ‏
فقد قَنَعَتْ نَفسي بما قد رُزِقتُهُ‏فَشَأنُكِ يا دُنيا وأهْلُ الغَوائلِ‏
فَإنِّي أخَافُ اللَّهَ يومَ لِقائهِ‏وأخْشَى‏ عذاباً دائماً غيرَ زائلِ‏۱.۲

۶۲۲۸.الإمامُ الصّادقُ عليه السلام: الدُّنيا بِمَنزِلَةِ صُورةٍ رأسُها الكِبرُ ، وعَينُها الحِرصُ ، واُذُنُها الطَّمَعُ ، ولِسانُها الرِّياءُ ، ويَدُها الشَّهوَةُ ، ورِجلُها العُجبُ ، وقَلبُها الغَفلَةُ ، ولَونُها الفَناءُ ، وحاصِلُها الزَّوالُ .۳

1.بحار الأنوار : ۷۵/۳۶۲/۷۷ .

2.وفي نهج الكيدريّ عند شرح قول أمير المؤمنين عليه السلام لهمّام في وصف المتّقين : أرادَتهُمُ الدُّنيا ولم يُرِيدُوها. نهج البلاغة : الخطبة ۱۹۳ وفيها «أرادتهم الدُّنيا فلم يريدوها» . قالَ : مِن مُكاشَفاتِ أمير المؤمنين عليه السلام ما رواهُ الصّادق عن آبائه عليهم السلام : - وساق الحديث قريباً ممّا مرّ - ثمّ قال : فهذا معنى‏ قوله عليه السلام : أرادَتهُمُ الدُّنيا ولم يُرِيدُوها . بحار الأنوار : ۷۳/۸۳/۴۷ .

3.بحار الأنوار : ۷۳/۱۰۵/۱۰۰ .

الصفحه من 46