مَعرِفةُ اللَّهِ‏ - الصفحه 20

التَّدبيرُ وثباتُهُ وقِوامُ بَعضِهِ بِبَعضٍ على‏ أنَّ الصّانِعَ واحدٌ وذلكَ قَولُهُ : (ما اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ) إلى‏ قَولِهِ : (لَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى‏ بَعْضٍ) .۱

بيان :

قال العلّامة الطباطبائي قدّس سرّه في قوله تعالى‏ : (إذاً لَذَهَبَ كُلُّ إلهٍ بِما خَلَقَ) حجّة على‏ نفي التعدّد ببيانِ محذوره ؛ إذ لا يُتصوّر تعدّد الآلهة إلّا بِبَينونتها بوجه من الوجوه ؛ بحيث لا تتّحد في معنَى اُلوهيّتها ورُبوبيّتها ، ومعنى‏ ربوبيّة الإله في شطرٍ من الكون ونوع من أنواعه تفويضُ التدبير فيه إليه بحيث يستقلّ في أمره من غير أن يحتاج فيه إلى‏ شي‏ء غير نفسه حتّى‏ إلى‏ مَن فَوّض إليه الأمر ، ومن البيّن أيضاً أنّ المُتباينَينِ لا يترشّح منهما إلّا أمران مُتباينان .
ولازم ذلك أن يستقلّ كلٌّ من الآلهة بما يرجع إليه من نوع التدبير ، وتنقطع رابطة الاتّحاد والاتّصال بين أنواع التدابير الجارية في العالم ، كالنظام الجاري في العالم الإنسانيّ عن الأنظمة الجارية في أنواع الحيوان والنبات والبرّ والبحر والسهل والجبل والأرض والسماء وغيرها ، وكلٌّ منها عن كلٍّ منها ، وفيه فساد السماوات والأرض وما فيهنّ ، ووحدة النظام الكونيّ والتئام أجزائه واتّصال التدبير الجاري فيه يكذّبه .
وهذا هو المراد بقوله : (إذاً لَذَهَبَ كُلُّ إلهٍ بِما خَلَقَ) أي انفصل بعض الآلهة عن بعض بما يترشّح منه من التدبير .
وقوله : (ولَعَلا بَعضُهُم عَلى‏ بَعضٍ) محذور آخرُ لازمٌ لتعدّد الآلهة تتألّف منه حجّة اُخرى‏ على النفي ، بيانه : أنّ التدابير الجارية في الكون مختلفة ، منها : التدابير العَرْضيّة كالتدبيرَينِ الجاريَينِ في البرّ والبحر والتدبيرَينِ الجاريَينِ في الماء والنار ، ومنها : التدابير الطُّوليّة التي تنقسم إلى‏ تدبير عامّ كلّيّ حاكم ، وتدبير خاصّ جزئيّ محكوم ، كتدبير العالم الأرضيّ وتدبير

1.تفسير القمّي : ۲/۹۳ .

الصفحه من 60