العقل‏ - الصفحه 14

منه البصيرة ، والإفتاء ، والقول ، غير أنّ استعمال القول كأنّه استعمال استعاريّ من قبيل وضع اللازم موضعَ الملزوم ؛ لأنّ القول في شي‏ءٍ يستلزم الاعتقادَ بمايدلّ عليه .
والزعم : هو التصديق من حيث إنّه صورة في الذهن ، سواء كان تصديقاً راجحاً أو جازماً قاطعاً .
والعلم كما مرّ : هو الإدراك المانع من النقيض .
والحفظ : ضبط الصورة المعلومة بحيث لا يتطرّق إليه التغيّر والزوال .
والحكمة : هي الصورة العلميّة من حيث إحكامها وإتقانها .
والخبرة : هو ظهور الصورة العلميّة بحيث لا يخفى‏ على العالم ترتّب أيّ نتيجة على مقدّماتها .
والشهادة : هو نيل نفس الشي‏ء وعينه إمّا بحسّ ظاهر كما في المحسوسات ، أو باطن كما في الوجدانيّات نحو العلم والإرادة والحبّ والبغض وما يضاهي ذلك .
والألفاظ السابقة - على‏ ماعرفت من معانيها - لا تخلو عن ملابسة المادّة والحركة والتغيّر ، ولذلك لا تُستعمل في مورده تعالى‏ غير الخمسة الأخيرة منها ؛ أعني العلم والحفظ والحكمة والخبرة والشهادة ، فلا يقال فيه تعالى‏ : إنّه يظنّ أو يحسب أو يزعم أو يفهم أو يفقه أو غير ذلك .
وأمّا الألفاظ الخمسة الأخيرة فلعدم استلزامها للنقص والفقدان تستعمل في مورده تعالى‏ ، قال سبحانه : (وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عَليمٌ)۱ ، وقال تعالى‏ : (وَرَبُّكَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ حَفيظٌ)۲ ، وقال تعالى‏ : (وَاللَّهُ بِما تَعْمَلونَ خَبيرٌ)۳ ، وقال تعالى‏ : (هُوَ العَليمُ الحَكيمُ)۴ ، وقال تعالى‏ : (إنَّهُ عَلى‏ كُلِّ شَي‏ءٍ شَهيدٌ) .۵
ولنرجع إلى‏ ما كنّا فيه فنقول : لفظ العقل على‏ ما عرفت يطلق علَى الإدراك من حيث إنّ فيه عقد القلب بالتصديق على‏ ما جَبَلَ اللَّه سبحانه

1.النساء : ۱۷۶ .

2.سبأ : ۲۱ .

3.البقرة : ۲۳۴ .

4.يوسف : ۸۳ .

5.فصّلت : ۵۳ .

الصفحه من 34