منه البصيرة ، والإفتاء ، والقول ، غير أنّ استعمال القول كأنّه استعمال استعاريّ من قبيل وضع اللازم موضعَ الملزوم ؛ لأنّ القول في شيءٍ يستلزم الاعتقادَ بمايدلّ عليه .
والزعم : هو التصديق من حيث إنّه صورة في الذهن ، سواء كان تصديقاً راجحاً أو جازماً قاطعاً .
والعلم كما مرّ : هو الإدراك المانع من النقيض .
والحفظ : ضبط الصورة المعلومة بحيث لا يتطرّق إليه التغيّر والزوال .
والحكمة : هي الصورة العلميّة من حيث إحكامها وإتقانها .
والخبرة : هو ظهور الصورة العلميّة بحيث لا يخفى على العالم ترتّب أيّ نتيجة على مقدّماتها .
والشهادة : هو نيل نفس الشيء وعينه إمّا بحسّ ظاهر كما في المحسوسات ، أو باطن كما في الوجدانيّات نحو العلم والإرادة والحبّ والبغض وما يضاهي ذلك .
والألفاظ السابقة - على ماعرفت من معانيها - لا تخلو عن ملابسة المادّة والحركة والتغيّر ، ولذلك لا تُستعمل في مورده تعالى غير الخمسة الأخيرة منها ؛ أعني العلم والحفظ والحكمة والخبرة والشهادة ، فلا يقال فيه تعالى : إنّه يظنّ أو يحسب أو يزعم أو يفهم أو يفقه أو غير ذلك .
وأمّا الألفاظ الخمسة الأخيرة فلعدم استلزامها للنقص والفقدان تستعمل في مورده تعالى ، قال سبحانه : (وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَليمٌ)۱ ، وقال تعالى : (وَرَبُّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفيظٌ)۲ ، وقال تعالى : (وَاللَّهُ بِما تَعْمَلونَ خَبيرٌ)۳ ، وقال تعالى : (هُوَ العَليمُ الحَكيمُ)۴ ، وقال تعالى : (إنَّهُ عَلى كُلِّ شَيءٍ شَهيدٌ) .۵
ولنرجع إلى ما كنّا فيه فنقول : لفظ العقل على ما عرفت يطلق علَى الإدراك من حيث إنّ فيه عقد القلب بالتصديق على ما جَبَلَ اللَّه سبحانه