العلم‏ - الصفحه 27

وأعيانِهِم : صِنفٌ مِنهُم يَتَعَلَّمونَ لِلمِراءِ والجَدَلِ، وصِنفٌ مِنهُم يَتَعَلَّمونَ لِلإستِطالَةِ والخَتْلِ ، وصِنفٌ مِنهُم يَتَعَلَّمونَ لِلفِقهِ والعَمَلِ .
فأمّا صاحِبُ المِراءِ والجَدَلِ تَراهُ مُؤذِياً مُمارِياً لِلرِّجالِ في أندِيَةِ المَقالِ ، قَد تَسَربَلَ بِالتَّخَشُّعِ ، وتَخَلّى‏ مِنَ الوَرَعِ ، فَدَقَّ اللَّهُ مِن هذا حَيزومَهُ ، وقَطَعَ مِنهُ خَيشومَهُ .
وأمّا صاحِبُ الإستِطالَةِ والخَتْلِ فإنَّهُ يَستَطيلُ عَلى‏ أشباهِهِ مِن أشكالِهِ ، ويَتَواضَعُ لِلأغنِياءِ مِن دونِهِم ، فهُوَ لِحَلوائهِم هاضِمٌ ، ولِدينِهِ حاطِمٌ ، فأعمَى اللَّهُ مِن هذا بَصَرَهُ ، وقَطَعَ مِن آثارِ العُلَماءِ أثَرَهُ .
وأمّا صاحِبُ الفِقهِ والعَمَلِ تَراهُ ذا كَآبَةٍ وحُزنٍ ، قَد قامَ اللَّيلَ في حِندِسِهِ ، وقَدِ انحَنى‏ في بُرنُسِهِ ، يَعمَلُ ويَخشى‏ ، خائفاً وَجِلاً مِن كُلِّ أحَدٍ إلّا مِن كُلِّ ثِقَةٍ مِن إخوانِهِ ، فشَدَّ اللَّهُ مِن هذا أركانَهُ ، وأعطاهُ يَومَ القِيامَةِ أمانَهُ .۱

۱۳۹۹۱.عنه عليه السلام : العُلَماءُ باقونَ ما بَقِيَ الدَّهرُ ، أعيانُهُم مَفقودَةٌ ، وأمثالُهُم فِي القُلوبِ مَوجودَةٌ ، هاه (و) إنّ ها هُنا - وأشارَ بِيَدِه إلى‏ صَدرِهِ - لَعِلماً جَمّاً لَو أصَبتُ لَهُ حَمَلَةً ! بَلى‏ أصَبتُ لَقِناً غَيرَ مَأمونٍ ، يَستَعمِلُ آلَةَ الدِّينِ فِي الدّنيا ، ويَستَظهِرُ بِحُجَجِ اللَّهِ عَلى‏ خَلقِهِ ، وبِنِعَمِهِ عَلى‏ عِبادِهِ ؛ لِيَتَّخِذَهُ الضُّعَفاءُ وَليجَةً مِن دونِ وَلِيِّ الحَقِّ .
أو مُنقاداً لِحَمَلَةِ العِلمِ ، لا بَصيرَةَ لَهُ في أحنائهِ ، يَقدَحُ الشَّكُّ في قَلبِهِ بِأوَّلِ عارِضٍ مِن شُبهَةٍ .
ألاَ ، لا ذا ، ولا ذاكَ ، فمَنهومٌ بِاللَّذّاتِ سَلِسُ القِيادِ ، أو مَغرِيٌّ بِالجَمعِ والإدِّخارِ ، لَيسا مِن رُعاةِ الدِّينِ ، أقرَبُ شَبَهاً بِهِما الأنعامُ السّائمَةُ ! كَذلكَ يَموتُ العِلمُ بِمَوتِ حامِليهِ . اللَّهُمَّ بَلى‏ لا تَخلو الأرضُ مِن قائمٍ بِحُجَّةٍ ظاهرٍ أو خافٍ مَغمورٍ ؛ لِئَلّا تَبطُلَ حُجَجُ اللَّهِ وبَيِّناتُهُ ، وكَم وأينَ؟! اُولئكَ الأقَلُّونَ عَدَداً الأعظَمُونَ خَطَراً ! .۲

1.الأمالي للصدوق : ۷۲۷/۹۹۷ .

2.الخصال : ۱۸۶/۲۵۷ .

الصفحه من 62