المَعاد - الصفحه 11

خَلَقْناهُما إلّا بِالحَقِّ)1 وقوله :(وَما خَلَقْنا السَّماءَ وَالأرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً ذلكَ ظَنُّ الَّذينَ كَفَروا)2وغيرهما من الآيات المتعرّضة لإثبات المعاد ، وإنّما الفرق أ نّها تثبته من طريق حقّيّة فعله تعالى‏ ، والآية المبحوث عنها تثبته من طريق حقّيّته تعالى‏ في نفسه المستلزمة لحقّيّة فعله.
ثمّ لمّا كان من الممكن أن يتوهّم استحالة إحياء الموتى‏ - فلا ينفع البرهان حينئذ - دفعه بقوله : (وَأ نَّهُ يُحيي المَوتى‏) ، فإحياؤه تعالى الموتى‏ - بجعل التراب الميّت إنساناً حيّاً وجعل الأرض الميّتة نباتاً حيّاً - واقع مستمرّ مشهود، فلا ريب في إمكانه ، وهذه الجملة أيضاً في مجرى‏ قوله تعالى : (قالَ مَن يُحْيي العِظامَ وَهِيَ رَميمٌ * قُلْ يُحْييها الّذي أنْشَأها أوَّلَ مَرَّةٍ)3وسائر الآيات المثبتة لإمكان البعث والإحياء ثانياً من طريق ثبوت مثله أوّلاً .
ثمّ لمّا أمكن أن يتوهّم أنّ جواز الإحياء الثاني لا يستلزم الوقوع بتعلّق القدرة به - استبعاداً له واستصعاباً - دفعه بقوله : (وَأ نَّهُ عَلى‏ كُلِّ شَي‏ءٍ قَديرٌ) ؛ فإنّ القدرة لمّا كانت غير متناهية كانت نسبتها إلى الإحياء الأوّل والثاني ، وما كان سهلاً في نفسه أو صعباً على‏ حدّ سواء ، فلا يخالطها عجز ولا يطرأ عليها عيّ وتعب .
وهذه الجملة أيضاً في مجرى‏ قوله تعالى‏ : (أفَعَيينا بِالخَلْقِ الأوَّلِ)4 وقوله : (إنَّ الّذي أحْياها لَمُحْيي المَوتى‏ إنَّهُ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَديرٌ)5 وسائر الآيات المثبتة للبعث بعموم القدرة وعدم تناهيها .
فهذه - أعني ما في قوله تعالى‏ : (ذلِكَ بِأنَّ اللَّهَ ...) إلى‏ آخر الآية - نتائج ثلاث مستخرجة من الآية السابقة عليها ، مسوقة جميعاً لغرض واحد وهو ذكر ما يثبت به البعث ، وهو الذي تتضمّنه الآية الأخيرة (وأنَّ السّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فيها وَأنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَن في القُبورِ) .6

1.الدخان : ۳۸ ، ۳۹ .

2.ص : ۲۷ .

3.يس : ۷۸، ۷۹ .

4.ق : ۱۵ .

5.فصّلت : ۳۹ .

6.الميزان في تفسير القرآن : ۱۴/۳۴۵ - ۳۴۷ .

الصفحه من 22