الغُرور - الصفحه 8

الأفضَلَ بالأدنى‏ ، ولا تَعجَبْ من نفسِكَ ، فَرُبّما اغتَرَرتَ بمالِكَ وصِحَّةِ جِسمِكَ أن لَعَلَّكَ تَبقى‏ .
ورُبّما اغتَرَرتَ بِطُولِ عُمُرِكَ وأولادِكَ وأصحابِكَ لعلَّكَ تَنجُو بِهِم.
ورُبّما اغتَرَرتَ بحالِكَ ومُنيَتِكَ ، وإصابَتِكَ مَأمُولَكَ وهَواكَ ، وظَنَنتَ أنّكَ صادِقٌ ومُصِيبٌ .
ورُبّما اغتَرَرتَ بما تُرِي الخَلقَ مِن النَّدَمِ على‏ تَقصيرِكَ فِي العِبادَةِ ، ولَعَلَّ اللَّهَ تعالى‏ يَعلَمُ مِن قلبِكَ بخِلافِ ذلكَ .
ورُبَّما أقَمتَ نفسَكَ علَى العِبادَةِ مُتَكَلِّفاً واللَّهُ يُريدُ الإخلاصَ .
ورُبّما افتَخَرتَ بعِلمِكَ ونَسَبِكَ ، وأنتَ غافِلٌ عن مُضمَراتِ ما في غَيبِ اللَّهِ.
ورُبّما تَدعُو اللَّهَ وأنتَ تَدعُو سِواهُ .
ورُبّما حَسِبتَ أنّكَ ناصِحٌ لِلخَلقِ وأنتَ تُرِيدُهُم لنفسِكَ أن يَمِيلُوا إلَيكَ .
ورُبّما ذَمَمتَ نفسَكَ ، وأنتَ تَمدَحُها علَى الحَقيقَةِ .
واعلَم أنَّكَ لن تَخرُجَ مِن ظُلُماتِ الغُرورِ والتَمَنِّي إلّا بِصِدقِ الإنابَةِ إلَى اللَّهِ تعالى‏ ، والإخباتِ لَهُ ، ومَعرِفَةِ عُيُوبِ أحوالِكَ مِن حيثُ لا يوافِقُ العَقلَ والعِلمَ ، ولا يَحتَمِلُهُ الدِّينُ والشَّريعَةُ وسَنَنُ القُدوَةِ۱ وأئمّةِ الهُدى‏ ، وإن كُنتَ راضِياً بما أنتَ فيه فما أحَدٌ أشقى‏ بِعلمِهِ مِنكَ وأضيَعَ عُمُراً وأورَثَ حَسرَةً يومَ القِيامَةِ .۲

(انظر) كلام أبي حامد في علاج الغرور: المحجّة البيضاء: 6/348 - 357.

1.في بحارالأنوار: «النبوّة» بدل «القدوة» .

2.مصباح الشريعة : ۲۱۱ .

الصفحه من 8