الغِيبة - الصفحه 11

وكذلك إذا رأيت رجلاً يتردَّد إلى‏ فاسق يُخفي أمره ، وخِفتَ عليه من الوقوع بسبب الصُّحبة فيما لايوافق الشرع ، فلك أن تنبِّهه على‏ فسقه مهما كان الباعث لك الخوف على إفشاء البدعة وسراية الفسق ، وذلك موضع الغرور والخديعة من الشيطان ؛ إذ قد يكون الباعث لك على‏ ذلك هو الحسد له على‏ تلك المنزلة فيلبِّس عليك الشيطان ذلك بإظهار الشَّفقة علَى الخلق ... ولتقتصر علَى العيب المنوط به ذلك الأمر ، فلا تذكر في عيب التزويج ما يُخِلُّ بالشركة أو المضاربة أو السفر مثلا ، بل تذكر في كلِّ أمر ما يتعلَّق بذلك الأمر ، ولا تتجاوزه قاصداً نصح المستشير لا الوقيعة ، ولو علم أنّه يترك التزويج بمجرَّد قوله : لايصلح لك ، فهو الواجب ، فإن علم أنّه لاينزجر إلّا بالتصريح بعيبه فله أن يصرِّح به ، قال النبيُّ صلى اللَّه عليه وآله : «أتَرعَوُون عن ذِكرِ الفاجِرِ حتّى‏ يَعرِفَهُ الناسُ ؟! اذكُرُوهُ بما فيه يَحذَرْهُ الناسُ» ، وقال صلى اللَّه عليه وآله لفاطمةَ بنتِ قيسٍ حينَ شاوَرَتهُ في خُطّابِها : «أمّا معاويةُ فَرَجُلٌ صُعلوكٌ لا مالَ لَهُ ، وأمّا أبوجَهمٍ فلا يَضَعُ العَصا عن عاتِقِهِ» .
الخامس : الجرح والتعديل للشاهد والراوي ، ومن ثمَّ وَضعَ العلماء كتبَ الرجال وقسَّموهم إلَى الثِّقات والمجروحين ، وذكروا أسباب الجرح غالباً . ويُشترط إخلاص النصيحة في ذلك كما مرَّ ، بأن يقصد في ذلك حفظ أموال المسلمين وضبط السُّنَّة وحمايتها عن الكذب ، ولايكون حامله العداوة والتعصُّب ، وليس له إلّا ذكر ما يحلُّ بالشهادة والرواية منه ، ولا يتعرَّض لغير ذلك مثل كونه ابن مُلاعَنة وشُبهة ، إلّا أن يكون متظاهراً بالمعصية كما سيأتي .
السادس : أن يكون المَقول فيه مستحقّاً لذلك لتظاهره بسببه ، كالفاسق المتظاهر بفسقه ، بحيث لايستنكف من أن يُذكَر بذلك الفعل الذي يرتكبه ، فيذكر بما هو فيه لابغيره، قال رسولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله : «مَن ألقى‏

الصفحه من 20