عید الفطر - الصفحه 11

ولَو دَلَّ مَخلوقٌ مَخلوقاً مِن نَفسِهِ عَلى مِثلِ الَّذي دَلَلتَ عَلَيهِ عِبادَكَ مِنكَ ، كانَ مَوصوفاً بِالإِحسانِ ، ومَنعوتاً بِالاِمتِنانِ ، ومَحموداً بِكُلِّ لِسانٍ ، فَلَكَ ۱ الحَمدُ ما وُجِدَ في حَمدِكَ مَذهَبٌ ، وما بَقِيَ لِلحَمدِ لَفظٌ تُحمَدُ بِهِ ، ومَعنىً يَنصَرِفُ إلَيهِ ، يا مَن تَحَمَّدَ إلى عِبادِهِ بِالإِحسانِ وَالفَضلِ ، وغَمَرَهُم بِالمَنِّ وَالطَّولِ ۲ ، ما أفشى فينا نِعمَتَكَ ، وأسبَغَ عَلَينا مِنَّتَكَ ، وأخَصَّنا بِبِرِّكَ ، هَدَيتَنا لِدينِكَ الَّذِي اصطَفَيتَ ، ومِلَّتِكَ الَّتِي ارتَضَيتَ ، وسَبيلِكَ الَّذي سَهَّلتَ ، وبَصَّرتَنَا الزُّلفَةَ ۳ لَدَيكَ ، وَالوُصولَ إلى كَرامَتِكَ .
اللّهُمّ وأنتَ جَعَلتَ مِن صَفايا تِلكَ الوَظائِفِ ، وخَصائِصِ تِلكَ الفُروضِ شَهرَ رَمَضانَ الَّذي اختَصَصتَهُ مِن سائِرِ الشُّهورِ ، وتَخَيَّرتَهُ مِن جَميعِ الأَزمِنَةِ وَالدُّهورِ ، وآثَرتَهُ عَلى كُلِّ أوقاتِ السَّنَةِ بِما أنزَلتَ فيهِ مِنَ القُرآنِ وَالنّورِ ، وضاعَفتَ فيهِ مِنَ الإِيمانِ ، وفَرَضتَ فيهِ مِنَ الصِّيامِ ، ورَغَّبتَ فيهِ مِنَ القِيامِ ، وأجلَلتَ فيهِ مِن لَيلَةِ القَدرِ الَّتي هِيَ خَيرٌ مِن ألفِ شَهرٍ .
ثُمَّ آثَرتَنا بِهِ عَلى سائِرِ الاُمَمِ ، وَاصطَفَيتَنا بِفَضلِهِ دونَ أهلِ المِلَلِ ، فَصُمنا بِأَمرِكَ نَهارَهُ ، وُقمنا بِعَونِكَ لَيلَهُ مُتَعَرِّضينَ بِصِيامِهِ وقِيامِهِ لِما عَرَّضتَنا لَهُ مِن رَحمَتِكَ ، وتَسَبَّبنا إلَيهِ مِن مَثوبَتِكَ . وأنتَ المَليءُ بِما رُغِبَ فيهِ إلَيكَ ، الجَوادُ بِما سُئِلَت مِن فَضلِكَ ، القَريبُ إلى مَن حاوَلَ قُربَكَ .
وقَد أقامَ فينا هذا الشَّهرُ مُقامَ حَمدٍ ، وصَحِبَنا صُحبَةَ مَبرورٍ ، وأربَحَنا أفضَلَ أرباحِ العالَمينَ ، ثُمَّ قَد فارَقَنا عِندَ تَمامِ وَقتِهِ وانقِطاعِ مُدَّتِهِ ، ووَفاءِ

1.في نسخة : «كان محموداً فلك الحمد ...» .

2.الطَوْل : الفضل والعلوّ على الأعداء (النهاية : ۳ / ۱۴۵) .

3.الزلفى : القربى والمنزلة (مجمع البحرين : ۲ / ۷۷۸) .

الصفحه من 120