عید الفطر - الصفحه 49

ثُمَّ إنَّهُ رَفَعَ يَدَيهِ حَتّى صارَتا بِإِزاءِ وَجهِهِ وقالَ :
إلهي وسَيِّدي أنتَ فَطَرتَني وَابتَدَأتَ خَلقي لا لِحاجَةٍ مِنكَ إلَيَّ بَل تَفَضُّلاً مِنكَ عَلَيَّ ، وقَدَّرتَ لي أجَلاً ورِزقا لا أتَعَدّاهُما ولايَنقُصُني أحَدٌ مِنهُما شَيئا ، وكَنَفتَني ۱ منِكَ بِأَنواعِ النِّعَمِ وَالكِفايَةِ طِفلاً وناشِئا ، مِن غَيرِ عَمَلٍ عَمِلتُهُ فَعَلِمتَهُ مِنّي فَجازَيتَني عَلَيهِ ، بَل كانَ ذلِكَ مِنكَ تَطَوُّلاً عَلَيَّ وَامتِنانا ، فَلَمّا بَلَغتَ بي أجَلَ الكِتابِ مِن عِلمِكَ بي ووَفَّقتَني لِمَعرِفَةِ وَحدانِيَّتِكَ وَالإِقرارِ بِرُبوبِيَّتِكَ ، فَوَحَّدتُكَ مُخلِصا لَم أدعُ لَكَ شَريكا في مُلكِكَ ، ولا مُعينا عَلى قُدرَتِكَ ، ولَم أنسِب إلَيكَ صاحِبَةً ولا وَلَدا .
فَلَمّا بَلَغتَ بي تَناهِي الرَّحمَةِ مِنكَ عَلَيَّ ، مَنَنتَ بِمَن هَدَيتَني بِهِ مِنَ الضَّلالَةِ ، وَاستَنقَذتَني بِهِ مِنَ الهَلَكَةِ ، وَاستَخلَصتَني بِهِ مِنَ الحَيرَةِ وفَكَكتَني بِهِ مِنَ الجَهالَةِ ، وهُوَ حَبيبُكَ ونَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه و آله ، أزلَفُ ۲ خَلقِكَ عِندَكَ وأكرَمُهُم مَنزِلَةً لَدَيكَ ، فَشَهِدتُ مَعَهُ بِالوَحدانِيَّةِ وأقرَرتُ لَكَ بِالرُّبوبِيَّةِ وَالرِّسالَةِ ، وأوجَبتَ لَهُ عَلَيَّ الطّاعَةَ ، فَأَطَعتُهُ كَما أمَرتَ وصَدَّقتُهُ فيما حَتَمتَ ، وخَصَصتَهُ بِالكِتابِ المُنزَلِ عَلَيهِ وَالسَّبعِ المَثانِي المُوحاةِ إلَيهِ ، وأسمَيتَهُ القُرآنَ وأكنَيتَهُ الفُرقانَ العَظيمَ .
فَقُلتَ جَلَّ اسمُكَ : «وَ لَقَدْ ءَاتَيْنَـكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِى وَ الْقُرْءَانَ الْعَظِيمَ» . ۳ وقُلتَ ـ جَلَّ قَولُكَ ـ لَهُ حينَ اختَصَصتَهُ بِما سَمَّيتَهُ بِهِ مِنَ الأَسماءِ : «طـه مَآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْءَانَ لِتَشْقَى»۴ وقُلتَ عَزَّ قَولُكَ :

1.كَنَفه : حاطَهُ (القاموس المحيط : ۳ / ۱۹۲) .

2.الزُلفة والزُلفى : القربة والمنزلة (الصحاح : ۴ / ۱۳۷۰).

3.الحِجر : ۸۷ .

4.طه : ۱ و ۲ .

الصفحه من 120