الفَقر - الصفحه 10

اُحْصِروا في سَبيلِ اللَّهِ - إلى‏ قوله - يَحسَبُهُم الجاهِلُ أغنياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ)1(إنّما الصَّدَقاتُ لِلفُقَراءِ والمَساكِينِ)2 .
الثالث : فقر النفس ، وهو الشَّرَه المَعنيُّ بقوله صلى اللَّه عليه وآله : «كادَ الفَقرُ أن يكونَ كُفراً» ، وهو المقابِلُ بقوله: «الغِنَى غِنَى النفسِ» ، والمَعنيُّ بقولهم: «مَن عَدِمَ القَناعةَ لم يُفِدْهُ المالُ غِنىً» .
الرابع : الفقر إلَى اللَّه المشار إليه بقوله صلى اللَّه عليه وآله : «اللّهُمّ أغنِني بالافتِقارِ إليكَ ، ولا تُفقِرْني بالاستِغناءِ عنكَ» ، وإيّاه عُنى بقوله تعالى‏ : (رَبِّ إنّي لِما أنْزَلْتَ إلَيَّ مِن خَيرٍ فَقيرٌ)3 وبهذا ألمَّ الشاعر فقال :

ويُعجِبني فَقري إليكَ ولم يكن‏لِيُعجِبني لولا مَحبَّتُكَ الفَقرُ
ويقال : افتقر فهو مفتقر وفقير ، ولايكاد يقال : فَقَرَ، وإن كان القياس يقتضيه ، وأصل الفقير هو المكسور الفِقار، انتهى .4
وهذا أحسن ما قيل في هذا المقام ، ومنهم من حمل سواد الوجه على المدح ؛ أي إنّه كالخال الذي على‏ وجه المحبوب فإنّه يَزينه ولا يَشينه . وقيل : المراد بالوجه ذات الممكن ، ومن الفقر احتياجه في وجوده وسائر كمالاته إلَى الغير ، وكون ذلك الاحتياج سواد وجهه عبارة عن لزومه لذاته بحيث لاينفكُّ كما لاينفكُّ السواد عن محلِّه ، ولايخفى‏ بُعدهما ، والأظهر حمله مع صحَّته علَى الفقر المذموم كما مرَّ .
وقال‏الغزاليُّ في‏شرح هذا الخبر: إذ الفقر مع‏الاضطرار إلى‏ ما لابدَّ منه قارَب أن يوقع في الكفر ؛ لأ نّه يحمل على‏ حسد الأغنياء والحسد يأكل الحسنات ، وعلَى التذلُّل لهم بما يدنِّس به عِرضه وينثلم به دينُه ، وعلى‏ عدم الرِّضا بالقضاء وتسخُّط الرزق، وذلك إن لم يكن كفراً فهو جارٌّ إليه ، ولذلك استعاذ المصطفى من الفقر .

1.البقرة : ۲۷۳ .

2.التوبة : ۶۰ .

3.القصص : ۲۴ .

4.مفردات ألفاظ القرآن : ۶۴۱ .

الصفحه من 28