القضاء والقدر - الصفحه 12

ونظير الاعتبارين جارٍ في مرحلة التشريع وحكمه القاطع بأمر وفصله القول فيه قضاء منه .
وعلى‏ ذلك جرى‏ كلامه تعالى‏ فيما أشار فيه إلى‏ هذه الحقيقة ، قال تعالى‏ : (وإذا قَضى‏ أمراً فإنَّما يَقولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)۱ ، وقال : (فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ في يَومَيْنِ)۲ ، وقال : (قُضِيَ الأَمرُ الّذي فيهِ تَسْتَفْتِيانِ)۳ ، وقال : (وقَضَيْنا إلى‏ بَني إسْرائيلَ في الكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ في الأرضِ مَرَّتَيْنِ)۴ إلى‏ غير ذلك من الآيات المتعرّضة للقضاء التكوينيّ .
ومن الآيات المتعرّضة للقضاء التشريعيّ قوله : (وقَضى‏ رَبُّكَ أ لّا تَعْبُدُوا إلّا إيّاهُ وبِالوالِدَينِ إحْساناً)۵ وقوله : (إنَّ ربَّكَ يَقضي بَينَهُم يَومَ القِيامَةِ فيما كانُوا فيهِ يَختَلِفونَ)۶ ، وقوله : (وقُضِيَ بَينَهُم بالحَقِّ وقيلَ الحَمدُ للَّهِ‏ِ رَبِّ العالَمينَ)۷ ، وما في الآية وما قبلها من القضاء بمعنى‏ فصل الخصومة تشريعيّ بوجه وتكوينيّ بآخر .
فالآيات الكريمة - كما ترى‏ - تُمضي صحّة هذين الاعتبارين العقلييّن في الأشياء الكونيّة من جهة أنّها أفعاله تعالى‏، وكذا في التشريع الإلهيّ من جهة أ نّه فعله التشريعيّ ، وكذا فيما يُنسَب إليه تعالى‏ من الحكم الفصل . وربّما عبّر عنه بالحكم والقول بعناية اُخرى ، قال تعالى‏ : (ألا لهُ الحُكْمُ)۸ ، وقال : (واللَّهُ يَحكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ)۹، وقال : (ما يُبَدَّلُ القَولُ لَدَيَّ)۱۰ ، وقال : (والحَقَّ أقولُ)۱۱ .
2 - نظرة فلسفيّة في معنَى القضاء
لا ريب أنّ قانون العلّيّة والمعلوليّة ثابت ، وأنّ الموجود الممكن معلول له سبحانه إمّا بلا واسطة [أو ]معها ، وأنّ المعلول إذا نسب إلى‏ علّته التامّة كان له منها الضرورة والوجوب ، إذ ما لم يجب لم يوجد ، وإذا لم ينسب إليها

1.البقرة : ۱۱۷ .

2.فصّلت : ۱۲ .

3.يوسف : ۴۱ .

4.الإسراء : ۴ .

5.الإسراء : ۲۳ .

6.يونس : ۹۳ .

7.الزمر : ۷۵ .

8.الأنعام : ۶۲ .

9.الرعد : ۴۱ .

10.ق : ۲۹ .

11.ص : ۸۴ .

الصفحه من 20