عبدِالرحمنِ بنِ أبي لَيلى بالكوفَةِ وهُو قاضٍ فقلتُ : أرَدتُ - أصلَحَكَ اللَّهُ - أن أسألَكَ عَن مَسائلَ ، وكنتُ حَديثَ السِّنِّ. فقالَ : سَلْ يابنَ أخي عمّا شِئتَ . قلتُ : أخبِرني عَنكُم معاشِرَ القُضاةِ تَرِدُ علَيكُمُ القَضيَّةُ في المالِ والفَرْجِ والدَّمِ فتَقضي أنتَ فيها برأيِكَ ، ثُمّ تَرِدُ تلكَ القَضيّةُ بعَينِها على قاضي مكَّةَ فيَقضي فيها بخِلافِ قَضِيَّتِكَ ، ثُمّ تَرِدُ على قاضي البَصرةِ وقاضي اليَمَنِ وقاضي المَدينةِ فَيَقضُونَ فيها بخِلافِ ذلكَ ، ثُمّ تَجتَمِعُونَ عِند خَليفَتِكُمُ الذي استَقضاكُم فَتُخبِرُونَهُ باختِلافِ قَضاياكُم فَيُصَوِّبُ رَأيَ كُلِّ واحِدٍ مِنكُم ، وإلهُكُم واحِدٌ ونَبيُّكُم واحِدٌ ودِينُكُم واحِدٌ ! أفَأمَرَكُم اللَّهُ عَزَّوجلَّ بالاختِلافِ فَأطَعتُموهُ ؟ ! أم نَهاكُم عَنهُ فعَصَيتُموهُ ؟ ! أم كُنتُم شُرَكاءَ اللَّهِ في حُكمِهِ فلَكُم أن تقولوا وعلَيهِ أن يَرضى ؟ ! أم أنزَلَ اللَّهُ دِيناً ناقِصاً فاستَعانَ بِكُم في إتمامِهِ؟! أم أنزلَ اللَّهُ تامّاً فَقَصَّرَ رسولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله عَن أدائهِ ؟ ! أم ماذا تَقولونَ؟ فقالَ : مِن أينَ أنتَ يا فتى ؟ قلتُ : مِن أهلِ البصرةِ. قالَ : مِن أيِّها ؟ قلتُ : مِن عَبدِالقَيسِ . قالَ : مِن أيِّهِم ؟ قلتُ : مِن بَني اُذَينَةَ . قالَ : ما قَرابَتُكَ مِن عبدِالرَّحمنِ بنِ اُذينَةَ ؟ قلتُ : هُو جَدِّي ، فَرَحَّبَ بي وقَرَّبَني وقالَ : أيْ فَتى ، لقد سَألتَ فَغَلَّظتَ وانهَمَكتَ فَتَعَوَّصتَ ، وسَاُخبِرُكَ إن شاءَ اللَّهُ ، أمّا قولُكَ في اختِلافِ القَضايا فإنّهُ ما وَرَدَ علَينا مِن أمرِ القَضايا مِمّا لَهُ في كتابِ اللَّهِ أصلٌ أو في سُنَّةِ نَبِيِّهِ صلى اللَّه عليه وآله فليسَ لنا أن نَعدُوَ الكتابَ والسُّنَّةَ ، وأمّا ما وَرَدَ علَينا مِمّا ليسَ في كتابِ اللَّهِ ولا في سُنَّةِ نَبِيِّهِ فإنّا نَأخُذُ فيه بِرَأيِنا . قلتُ : ما صَنَعتَ شيئاً ! لأنَّ اللَّهَ عَزَّوجلَّ يقولُ : (ما فَرَّطْنا في الكِتابِ مِن شَيْءٍ)۱ ، وقالَ فيهِ : (تِبياناً لِكُلِّ شَيءٍ)۲.۳
۱۷۰۱۳.الإمامُ الصّادقُ عليه السلام : ما رأيتُ عليّاً قَضى قَضاءً إلّا وَجَدتُ لَهُ أصلاً في السُّنَّةِ ، وكانَ عليٌّ عليه السلام يقولُ : لوِ اختَصَمَ إلَيَّ رجُلانِ فقَضَيتُ بينَهُما ثُمّ مَكَثا أحوالاً