الأمثال‏ - الصفحه 27

لايملك شيئاً ولايقدر على‏ شي‏ءٍ ، فيستنتج أنّ الربّ هو المنعم لاغير .
قوله تعالى‏ : (وضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلَينِ أحَدُهُما أبْكَمُ ...) إلى‏ آخر الآية . قال في المجمع : الأبكم الذي يولد أخرس لايَفهم ولايُفهِّم ، وقيل : الأبكم الذي لايقدر أن يتكلّم . والكَلّ الثِّقل ، يقال : كَلَّ عن الأمر يَكِلّ كَلّاً إذا ثَقُل عليه فلم ينبعث فيه ، وكَلَّت السكّين كُلولاً إذا غلظت شفرتها ، وكَلّ لسانه إذا لم ينبعث في القول لغلظه وذهاب حدّه ، فالأصل فيه الغلظ المانع من النفوذ . والتوجيه : الإرسال في وجهٍ من الطريق ، يقال : وجّهته إلى‏ موضع كذا فتوجّه إليه . انتهى‏ .
فقوله : (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلَينِ) مقايسة اُخرى‏ بين رجلَين مفروضَين متقابلَين في أوصافهما المذكورة .
وقوله : (أحَدُهُما أبْكَمُ لايَقْدِرُ على‏ شَيْ‏ءٍ)، أي محرومٌ من أن يَفهم الكلام ويُفهِّم غيرَه بالكلام، لكونه أبكم لايسمع ولاينطق فهو فاقد لجميع الفِعليّات والمزايا التي يكتسبها الإنسان من طريق السمع الذي هو أوسع الحواسّ نطاقاً ، به يتمكّن الإنسان من العلم بأخبار من مضى‏ وما غاب عن البصر من الحوادث وما في ضمائر النّاس ويعلم العلوم والصناعات ، وبه يتمكّن من إلقاء ما يدركه من المعاني الجليلة والدقيقة إلى‏ غيره ، ولايقوَى الأبكم على‏ دَرك شي‏ءٍ منها إلّا النزر اليسير ممّا يساعد عليه البصر بإعانة من الإشارة .
فقوله : (لايَقْدِرُ عَلى‏ شَيْ‏ءٍ) مخصّص عمومه بالأبكم ؛ أي لايقدر على‏ شي‏ءٍ ممّا يقدر عليه غير الأبكم ، وهو جملة ما يحرمه الأبكم من تلقّي المعلومات وإلقائها .
وقوله : (وَهُو كَلٌّ عَلى‏ مَوْلاهُ) أي ثِقلٌ وعِيالٌ على‏ من يلي ويدبّر أمره ، فهو لايستطيع أن يدبّر أمر نفسه .
وقوله : (أيْنَما يُوَجِّهْهُ لايَأتِ بِخَيرٍ) أي إلى‏ أيّ جهةٍ أرسله مولاه لحاجةٍ من حوائج نفسه أو حوائج مولاه لم يقدر

الصفحه من 44