والصاعقة محيطةٌ به ، فلا يجد مناصاً من أن يستفيد بالبرق وضوئه، وهو غيردائمٍ ولاباقٍ متّصل، كلّما أضاء له مشى وإذا أظلم عليه قام .
وهذه حال المنافق ، فهو لايحبّ الإيمان ولا يجد بدّاً من إظهاره ، ولعدم المواطأة بين قلبه ولسانه لايستضيء له طريقه تمام الاستضاءة، فلا يزال يخبط خبطاً بعد خبطٍ ويعثر عثرةً بعد عثرةٍ فيمشي قليلاً ويقف قليلاً ويفضحه اللَّه بذلك ، ولو شاء اللَّه لذهب بسمعه وبصره فيفتضح من أوّل يومٍ .۱
3556 - مَثَلٌ لِلَّذينَ كَفَروا
الكتاب :
(ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئَاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ) .۲
التّفسير :
قوله تعالى : (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلّذينَ كَفَروا امْرَأةَ نُوحٍ وامْرَأةَ لُوطٍ كَانَتا تَحْتَ عَبْدَينِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فخَانَتاهُما ...) إلخ ، قال الراغب : الخيانة والنفاق واحد ، إلّا أنّ الخيانة تقال اعتباراً بالعهد والأمانة ، والنفاق يقال اعتباراً بالدِّين ، ثمّ يتداخلان ؛ فالخيانة مُخالَفة الحقّ بنقض العهد في السرّ ، ونقيض الخيانة الأمانة ، يقال : خنت فلاناً وخنت أمانة فلان ، انتهى .
وقوله : (لِلَّذينَ كَفَروا) إن كان متعلّقاً بالمَثَل كان المعنى : ضرب اللَّه مثلاً يمثّل به حال الذين كفروا أنّهم لا ينفعهم الاتّصال بالعباد الصالحين ، وإن كان متعلّقاً ب (ضرب) كان المعنى : ضرب اللَّه الامرأتين وما انتهت إليه حالهما مثلاً للذين كفروا ليعتبروا به ويعلموا أنّهم لاينفعهم الاتّصال بالصالحين من عباده وأنّهم بخيانتهم النبيّ صلى اللَّه عليه وآله من أهل النّار لا محالة .
1.الميزان في تفسير القرآن : ۱/۵۵ .
2.التحريم : ۱۰ .