المرأة - الصفحه 11

في حفظ هذه الوديعة الإلهيّة عن الضيعة ؛ ممّا لاستر عليه ، ولا حاجة إلى‏ إيراد دليلٍ كتابيٍّ يؤدّي إليه ، فقد تضمّن القرآن آياتٍ كثيرةً متكثّرة في الدلالة على‏ ذلك تصريحاً وتلويحاً وبكلّ لسان وبيان .
ولم يهمل القرآن مع ذلك أمر العواطف الحسنة الطاهرة ، ومهامّ آثارها الجميلة التي يتربّى‏ بها الفرد ، ويقوم بها صُلب المجتمع ، كقوله : (أشِدّاءُ علَى الكُفّارِ رُحَماءُ بَينَهُم)۱ وقولهِ : (لِتَسْكُنوا إلَيها وجَعلَ بَينَكُم مَوَدّةً ورَحْمَةً)۲وقولهِ : (قُلْ مَن حَرّمَ زِينَةَ اللَّهِ الّتي أخْرَجَ لِعبادِهِ والطَّيّباتِ مِن الرِّزْقِ)۳، لكنّه عدلها بالموافقة لحكم العقل ، فصار اتّباع حكم هذه العواطف والميول اتّباعاً لحكم العقل.
وقد مرّ في بعض المباحث السابقة أنّ من حفظ الإسلام لجانب العقل وبنائه أحكامه المشرّعة على‏ ذلك أنّ جميع الأعمال والأحوال والأخلاق التي تبطل استقامة العقل في حكمه ، وتوجب خبطه في قضائه وتقويمه لشؤون المجتمع - كشرب الخمر والقمار وأقسام المعاملات الغرريّة والكذب والبهتان والافتراء والغيبة - كلّ ذلك محرّمة في الدِّين .
والباحث المتأمّل يحدس من هذا المقدار أنّ من الواجب أن يفوّض زمام الاُمور الكلّيّة والجهات العامّة الاجتماعيّة - التي ينبغي أن تدبّرها قوة التعقّل ، ويجتنب فيها من حكومة العواطف والميول النفسانيّة ، كجهات الحكومة والقضاء والحرب - إلى‏ من يمتاز بمزيد العقل ويضعف فيه حكم العواطف ، وهو قبيل الرجال دون النساء .
وهو كذلك ؛ قال اللَّه تعالى‏ : (الرِّجالُ قَوّامونَ علَى النِّساءِ) . والسنّة النبويّة التي هي ترجمان البيانات القرآنيّة بيّنت ذلك كذلك ، وسيرته صلى اللَّه عليه وآله جرت على‏ ذلك أيّام حياته ، فلم يُوَلِّ امرأةً على‏ قوم ، ولا أعطى‏ امرأة منصب القضاء ، ولا دعاهنَّ إلى غزاة بمعنى‏ دعوتهنّ إلى‏ أن يُقاتِلن .

1.الفتح : ۲۹ .

2.الروم : ۲۱ .

3.الأعراف : ۳۲ .

الصفحه من 16