المَسخ‏ - الصفحه 7

تفارق مادّتها فتبقى‏ المادّة مع صورة مادّيّة ، كالحيوان يموت فيصير جسداً لا حراك به .
ثمّ إنّ الصّورة الحيوانيّة مبدأ لأفعال إدراكيّة تصدر عنها ، وأحوال علميّة تترتّب عليها ، تنتقش النّفس بكلّ واحد من تلك الأحوال بصدورها منها ، ولا يزال نقش عن نقش ، وإذا تراكمت من هذه النقوش ما هي متشاكلة متشابهة تحصّل نقش واحد وصار صورة ثابتة غير قابلة للزّوال وملكة راسخة . وهذه صورة نفسانيّة جديدة يمكن أن يتنوّع بها نفس حيوانيّ فتصير حيواناً خاصّاً ذا صورة خاصّة منوّعة كصورة المكر والحقد والشهوة والوفاء والافتراس وغير ذلك . وإذا لم تحصل ملكة بقي النّفس على‏ مرتبتها السّاذجة السّابقة ، كالنّبات إذا وقفت عن حركتها الجوهريّة بقي نباتاً ولم يخرج إلَى الفعليّة الحيوانيّة . ولو أنّ النّفس البرزخيّة تتكامل من جهة أحوالها وأفعالها بحصول الصورة دفعة لانقطعت علقتها مع البدن في أوّل وجودها ، لكنّها تتكامل بواسطة أفعالها الإدراكيّة المتعلّقة بالمادّة شيئاً فشيئاً حتّى‏ تصير حيواناً خاصّاً إن عمّر العمر الطبيعيّ أو قدراً معتدّاً به ، وإن حال بينه وبين استتمام العمر الطبيعيّ أو القدر المعتدّ به مانع كالموت الاختراميّ بقي على‏ ما كان عليه من سذاجة الحيوانيّة .
ثمّ إنّ الحيوان إذا وقعت في صراط الإنسانيّة - وهي الوجود الّذي يعقل ذاته تعقّلاً كلّياً مجرّداً عن المادّة ولوازمها من المقادير والألوان وغيرهما - خرج بالحركة الجوهريّة من فعليّة المثال الّتي هي قوّة العقل إلى‏ فعليّة التجرّد العقليّ، وتحقّقت له صورة الإنسان بالفعل ، ومن المحال أن تعود هذه الفعليّة إلى‏ قوّتها الّتي هي التجرّد المثاليّ على‏ حدّ ما ذكر في الحيوان .

الصفحه من 12