المَسخ‏ - الصفحه 9

الّذي مات وله نفس ساذجة غير أنّه فعل أفعالاً وخلط عملاً صالحاً وآخر سيّئاً لو عاش حيناً أمكن أن يكتسب على نفسه الساذجة صورة سعيدة أو شقيّة ، وكذا لو عاد بعد الموت إلَى الدُّنيا وعاش أمكن أن يكتسب على‏ صورته السابقة صورة خاصّة جديدة ، وإذا لم يعد فهو في البرزخ مثاب أو معذّب بما كسبته من الأفعال حتّى يتصوّر بصورة عقليّة مناسبة لصورته السّابقة المثاليّة ، وعند ذلك يبطل الإمكان المذكور ويبقى‏ إمكانات الاستكمالات العقليّة ، فإن عاد إلَى الدُّنيا كالأنبياء والأولياء لو عادوا إلَى الدُّنيا بعد موتهم أمكن أن يحصل صورة اُخرى‏ عقليّة من ناحية المادّة والأفعال المتعلّقة بها ، ولو لم يعد فليس له إلّا ما كسب من الكمال والصّعود في مدارجه والسّير في صراطه ، هذا .
ومن المعلوم أنّ هذا ليس قسراً دائماً ، ولو كان مجرّد حرمان موجود عن كماله الممكن له بواسطة عمل عوامل وتأثير علل مؤثّرة قسراً دائماً لكان أكثر حوادث هذا العالم - الذي هو دار التّزاحم وموطن التّضادّ - أو جميعها قسراً دائماً ، فجميع أجزاء هذا العالم الطبيعيّ مؤثّرة في الجميع ، وإنّما القسر الدائم أن يجعل في غريزة نوع من الأنواع اقتضاء كمال من الكمالات أو استعداد ثمّ لايظهر أثر ذلك دائماً إمّا لأمر في داخل ذاته أو لأمر من خارج ذاته متوجّه إلَى إبطاله بحسب الغريزة ، فيكون تغريز النّوع المقتضي أو المستعدّ للكمال تغريزاً باطلاً وتجبيلاً هباءً لغواً ، فافهم ذلك . وكذا لو فرضنا إنساناً تغيّرت صورته إلى‏ صورة نوع آخر من أنواع الحيوان كالقرد والخنزير فإنّما هي صورة على‏ صورة ، فهو إنسان خنزير أو إنسان قرد ، لا إنسان بطلت إنسانيّته وحلّت الصّورة الخنزيريّة أو القرديّة محلّها ، فالإنسان إذا كسب صورةً من صور الملكات تصوّرت نفسه بها ، ولا دليل

الصفحه من 12