المَلائكة - الصفحه 10

كلام في‏أنّ‏الملائكة وسائط في التدبير :

الملائكة وسائط بينه تعالى‏ وبين الأشياء بَدءاً وعَوداً على‏ ما يعطيه القرآن الكريم ، بمعنى‏ أنّهم أسباب للحوادث فوق الأسباب المادّية في العالم المشهود قبل حلول الموت والانتقال إلى‏ نشأة الآخرة وبعده .
أمّا في العَود - أعني حال ظهور آيات الموت وقبض الروح وإجراء السؤال وثواب القبر وعذابه وإماتة الكلّ بنفخ الصُّور وإحيائهم بذلك والحشر وإعطاء الكتاب ووضع الموازين والحساب والسَّوق إلَى الجنّة والنار - فوساطتهم فيها غنيّ عن البيان ، والآيات الدالّة علَى ذلك كثيرة لا حاجة إلى‏ إيرادها ، والأخبار المأثورة فيها عن النبيّ صلى اللَّه عليه وآله وأئمّة أهل البيت عليهم السلام فوق حدّ الإحصاء.
وكذا وساطتهم في مرحلة التشريع من النزول بالوحي ودفع الشياطين عن المداخلة فيه وتسديد النبيّ وتأييد المؤمنين وتطهيرهم بالاستغفار .
وأمّا وساطتهم في تدبير الاُمور في هذه النشأة فيدلّ عليها ما في مفتتح هذه السورة من إطلاق قوله : (والنّازِعاتِ غَرْقاً * والنّاشِطاتِ نَشْطاً * والسّابِحاتِ سَبْحاً * فالسَّابِقاتِ سَبْقاً * فالمُدَبِّراتِ أمْراً)۱ بما تقدّم من البيان .
وكذا قوله تعالى‏: (جاعِلِ المَلائكَةِ رُسُلاً اُولي أجْنِحَةٍ مَثْنى‏ وثُلاثَ ورُباع)۲ الظاهر بإطلاقه - على‏ ما تقدّم من تفسيره - في أنّهم خُلقوا وشأنهم أن يتوسّطوا بينه تعالى‏ وبين خلقه ويرسلوا لإنفاذ أمره الذي يستفاد من قوله تعالى‏ في صفتهم : (بَلْ عِبادٌ مُكْرَمونَ * لا يَسْبِقونَهُ بالقَولِ وهُمْ بأمْرِهِ يَعْمَلونَ)۳ ، وقوله : (يَخافُونَ ربَّهُم مِن فَوقِهِم ويَفعَلونَ ما يُؤمَرونَ)۴ وفي جعل الجناح لهم إشارة ذلك .
فلا شغل للملائكة إلّا التوسّط بينه

1.النازعات : ۱ - ۵ .

2.فاطر : ۱ .

3.الأنبياء : ۲۶ و ۲۷ .

4.النحل : ۵۰ .

الصفحه من 14