المَلائكة - الصفحه 8

وميكال ، وما عداهما مذكور بالوصف كمَلَك الموت والكرام الكاتبين والسَّفَرة الكرام البررة والرّقيب والعتيد وغير ذلك.
والّذي ذكره اللَّه سبحانه في كلامه - وتُشايعه الأحاديث السابقة - من صفاتهم وأعمالهم هو أوّلاً : أنّهم موجودات مكرمون ، هم وسائط بينه تعالى‏ وبين العالَم المشهود ، فما من حادثة أو واقعة صغيرة أو كبيرة إلّا وللملائكة فيها شأن ، وعليها ملك موكّل أو ملائكة موكّلون بحسب ما فيها من الجهة أو الجهات ، وليس لهم في ذلك شأن إلّا إجراء الأمر الإلهيّ في مجراه أو تقريره في مستقرّه ، كما قال تعالى‏ : (لا يَسْبِقونَهُ بِالقَولِ وَهُمْ بأمْرِهِ يَعْمَلونَ) .1
وثانياً : أنّهم لا يعصون اللَّه فيما أمرهم به ، فليست لهم نفسيّة مستقلّة ذات إرادة مستقلّة تريد شيئاً غير ما أراد اللَّه سبحانه ، فلا يستقلّون بعمل ولا يغيّرون أمراً حمّلهم اللَّه إيّاه بتحريف أو زيادة أو نقصان ، قال تعالى‏ : (لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أمَرَهُمْ ويَفعَلونَ ما يُؤمَرونَ) .2
وثالثاً : أنّ الملائكة على‏ كثرتهم على‏ مراتب مختلفة عُلوّاً ودُنوّاً ، فبعضهم فوق بعض وبعضهم دون بعض ، فمنهم آمِر مطاع ومنهم مأمور مطيع لأمره ، والآمِر منهم آمر بأمر اللَّه حامل له إلى‏ المأمور ، والمأمور مأمور بأمر اللَّه مطيع له ، فليس لهم من أنفسهم شي‏ء البتّة ، قال تعالى‏ : (وما مِنّا إلّا لَهُ مَقامٌ مَعْلومٌ)3 وقال : (مُطاعٍ ثَمَّ أمينٍ)4، وقال : (قالوا ماذا قالَ ربُّكُمْ قالوا الحَقّ) .5
ورابعاً : أنّهم غير مغلوبين ؛ لأنّهم إنّما يعملون بأمر اللَّه وإرادته (وَما كانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْ‏ءٍ في السَّماواتِ ولا في الأرْضِ)6، وقد قال اللَّه : (واللَّهُ غالِبٌ

1.الأنبياء : ۲۷ .

2.التحريم : ۶ .

3.الصافّات : ۱۶۴ .

4.التكوير : ۲۱ .

5.سبأ : ۲۳ .

6.فاطر : ۴۴ .

الصفحه من 14