وفي التّذييل بالاسمَين مع ذلك تخويف وتطميع على ما يدعو إلى ذلك سياق الدعوة .
واعلم أنّ مضمون الآية ليس مجرّد دعوىً خاليةٍ عن الحجّة يراد بهِ التّلقين كما ربّما يُتوهّم بل هي مقدّمة قريبة من الضّرورة - أو هي ضروريّة - تستدعي الحكم بضرورة البعث للجزاء ؛ فإنّ الإنسان المتلبّس بهذه الحياة الدنيويّة الملحوقة للموت لايخلو من أن يحصل له وصف حسن العمل أو خلافه ، وهو مجهّز بحسب الفطرة بما لولا عروض عارض السّوء لساقه إلى حسن العمل ، وقلّما يخلو إنسان من حصول أحد الوصفَين كالأطفال ومن في حكمهم .
والوصف الحاصل المترتّب على وجود الشيء الساري في أغلب أفراده غاية في وجوده مقصودة في إيجاده ، فكما أنّ الحياة النّباتيّة لشجرة كذا إذ كانت تؤدّي في الغالب إلى إثمارها ثمرة كذا يعدّ ذلك غاية لوجودها مقصودة منها، كذلك حسن العمل والصلاح غاية لخلق الإنسان . ومن المعلوم أيضاً أنّ الصّلاح وحسن العمل لو كان مطلوباً لكان مطلوباً لغيره لا لنفسه ، والمطلوب بالذّات الحياة الطيّبة التي لايشوبها نقص ولايعرضها لغو ولا تأثيم ، فالآية في معنى قوله : (كلُّ نَفْسٍ ذائقَةُ المَوتِ ونَبْلوكُمْ بِالشّرِّ والخَيرِ فِتْنَةً)۱.۲
3661 - اليَقينُ بِالمَوتِ
۱۹۱۶۱.الإمامُ عليٌّ عليه السلام : ما رَأيتُ إيماناً مَع يَقينٍ أشبَهَ مِنهُ بشَكٍّ على هذا الإنسانِ ؛ إنّهُ كُلَّ يَومٍ يُوَدِّعُ إلَى القُبورِ ويُشَيِّعُ ، وإلى غُرورِ الدّنيا يَرجِعُ، وعنِ الشَّهوَةِ والذُّنوبِ لا يُقلِعُ ، فلَو لَم يَكُن لابنِ آدمَ المِسكينِ ذَنبٌ يَتَوَكَّفُهُ ولاحِسابٌ يَقِفُ علَيهِ إلّا مَوتٌ يُبَدِّدُ شَملَهُ ويُفَرِّقُ جَمعَهُ ويُوتِمُ وُلدَهُ ، لَكانَ يَنبَغي لَهُ أن يُحاذِرَ ما هُوَ فيهِ بأشَدِّ النَّصَبِ والتّعَبِ .۳
1.الأنبياء : ۳۵ .
2.الميزان في تفسير القرآن : ۱۹/۳۴۹ .
3.بحار الأنوار : ۶/۱۳۷/۴۰ .