النبوّة العامّة - الصفحه 11

بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) .۱

التّفسير :

يقول العلّامة الطباطبائيّ قدّس سرّه في قوله تعالى‏ : (الّذينَ يَتَّبِعونَ الرَّسولَ النَّبِيَّ الاُمّيَّ...) : قال الرّاغب في «المفردات» : الإصر : عقد الشّي‏ء وحبسه بقهره ، يقال : أصَرته فهو مأصور ، والمأصَر والمأصِر - بفتح الصّادِ وكسرها - محبس السّفينة ، قال تعالى‏ : (ويَضَعُ عَنهُمْ إصْرَهُم) أي الاُمور الّتي تثبّطهم وتقيّدهم عن الخيرات ، وعن الوصول إلَى الثّوابات ، وعلى‏ ذلك : (ولا تَحْمِلْ علَينا إصْراً)2 وقيل : ثقلاً ، وتحقيقه ما ذكرت ؛ انتهى‏ . والأغلال جمع غلّ ، وهو مايُقيَّد به ...
وذكره صلى اللَّه عليه وآله بهذه الأوصاف الثّلاث : الرّسول النّبيّ الاُمّيّ ، ولم يجتمع له في موضع من كلامه تعالى‏ إلّا في هذه الآية والآية التّالية ، مع قوله تعالى‏ بعده : (الّذي يَجِدونَهُ مَكْتوباً عِنْدَهُم في التَّوراةِ والإنْجيلِ) تدلّ على‏ أ نّه صلى اللَّه عليه وآله كان مذكوراً فيهما معرّفاً بهذه الأوصاف الثّلاث .
ولولا أنّ الغرض من توصيفه بهذه الثّلاث هو تعريفه بما كانوا يعرفونه به من النّعوت المذكورة له في كتابَيهم لما كانت لذكر الثّلاث - الرّسول النّبيّ الاُمّيّ - وخاصّة الصّفة الثّالثة نكتة ظاهرة .
وكذلك ظاهر الآية يدلّ أو يُشعر بأنّ قوله : (يأمُرُهُم بِالمَعْروفِ ويَنْهاهُمْ عَنِ المُنْكَرِ) إلى‏ آخر الاُمور الخمسة الّتي وصفه صلى اللَّه عليه وآله بها في الآية من علائمه المذكورة في الكتابَين ، وهي مع ذلك من مختصّات النّبيّ صلى اللَّه عليه وآله وملّته البيضاء فإنّ الاُمم الصّالحة وإن كانوا يقومون بوظيفة الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر كما ذكره تعالى‏ من أهل الكتاب في قوله : (لَيسُوا سَواءً مِنْ أهْلِ

1.الأعراف : ۱۵۷ .

2.البقرة : ۲۸۶ .

الصفحه من 28