الكِتابِ اُمَّةٌ قائمَةٌ - إلى أن قال - ويأمُرونَ بِالمَعْروفِ ويَنْهَونَ عَنِ المُنْكَرِ ويُسارِعونَ في الخَيراتِ واُولئكَ مِنَ الصّالِحينَ) .1
وكذلك تحليل الطّيّبات وتحريم الخبائث في الجملة من جملة الفطريّات الّتي أجمع عليها الأديان الإلهيّة ، وقد قال تعالى : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الّتي أخْرَجَ لِعِبادِهِ والطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ) .2
وكذلك وضع الإصر والأغلال وإن كان ممّا يوجد في الجملة في شريعة عيسى عليه السلام كما يدلّ عليه قوله فيما حكى اللَّه عنه في القرآن الكريم : (ومُصَدِّقاً لِما بَينَ يَديَّ مِن التَّوراةِ ولاُحِلَّ لَكُمْ بَعضَ الّذي حُرِّمَ علَيكُم)3 ويشعر به قوله خطاباً لبني إسرائيل : (قَد جِئتُكُمْ بِالحِكمَةِ ولاُبيِّنَ لَكُمْ بَعضَ الّذي تَخْتَلِفونَ فيهِ) .4
إلّا أ نّه لايرتاب ذو ريبٍ في أنّ الدِّين الّذي جاء به محمّد صلى اللَّه عليه وآله بكتاب من عند اللَّه مصدّق لما بين يديه من الكتب السّماويّة - وهو دين الإسلام - هو الّدين الوحيد الّذي نفخ في جثمان الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر كلّ ما يسعه من روح الحياة، وبلغ به من حدّ الدّعوة الخالية إلى درجة الجهاد في سبيل اللَّه بالأموال والنفوس ، وهو الدّين الوحيد الّذي أحصى جميع ما يتعلّق به حياة الإنسان من الشّؤون والأعمال ثمّ قسّمها إلى طيّبات فأحلّها ، وإلى خبائث فحرّمها ، ولا يعادله في تفصيل القوانين المشرّعة أيّ شريعة دينيّة وقانون اجتماعيّ ، وهو الدّين الّذي نسخ جميع الأحكام الشّاقّة الموضوعة على أهل الكتاب واليهود خاصّة ، وما تكلّفها علماؤهم وابتدعها أحبارهم ورهبانهم من الأحكام المبتدعة .
فقد اختصّ الإسلام بكمال هذه الاُمور الخمسة وإن كانت توجد فيغيره نماذج من ذلك .
على أنّ كمال هذه الاُمور الخمسة