وأخَذْنا مِنْهُم مِيثاقاً غَليظاً)1 ، وقال : (شَرَعَ لَكُم مِنَ الدِّينِ ما وَصّى بِهِ نُوحاً والّذِي أوْحَيْنا إلَيكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إبْراهيمَ ومُوسى وعِيسى) .2
ولقد امتنّ اللَّه سبحانه عليه وعلى أخيه في قوله : (ولَقَدْ مَنَنّا عَلى مُوسى وهارونَ)3وسلّم عليهما في قوله: (سَلامٌ على مُوسى وَهارُونَ)4، وأثنى على موسى عليه السلام بأجمل الثناء في قوله : (واذكُرْ في الكِتابِ مُوسى إنّهُ كانَ مُخْلَصاً وكانَ رَسُولاً نَبيّاً * ونادَيْناهُ مِن جانِبِ الطُّورِ الأيمَنِ وقَرَّبْناهُ نَجِيّاً)5 وقال : (وكانَ عِندَ اللَّهِ وَجيهاً)6، وقال : (وكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْليماً) .7
وذكره في جملة من ذكرهم من الأنبياء في سورة الأنعام (الآية 84 - 88) فأخبر أنّهم كانوا محسنين صالحين ، وأنّه فضّلهم علَى العالمين واجتباهم وهداهم إلى صراطٍ مستقيمٍ ، وذكره في جملة الأنبياء في سورة مريم، ثمّ ذكر في الآية 58 منها أنّهم الذين أنعم اللَّهُ عليهم .
فاجتمع بذلك له عليه السلام معنَىالإخلاص والتقريب والوجاهة والإحسان والصلاح والتفضيل والاجتباء والهداية والإنعام ، وقد مرّ البحث عن معاني هذه الصفاتفي مواضع تناسبها من هذا الكتاب ، وكذا البحث عن معنَى النبوّة والرسالة والتكليم .
وذكرَ الكتاب النازل عليه وهو التوراة فوصفهابأنّها إمامٌ ورحمةٌ (سورة الأحقاف : 12) وبأنّها فرقان وضياء وذكر (الأنبياء : 48) وبأنّ فيها هدىً ونوراً (المائدة : 44) وقال : (وكَتَبْنا لَهُ في الألْواحِ مِن كُلِّ شَيءٍ مَوعِظَةً وتَفْصيلاً لِكُلِّ شَيءٍ) .8
غير أنّه تعالى ذكر في مواضع من كلامه أنّهم حرّفوها واختلفوا فيها ، وقصّة بخت نَصّر وفتحه فلسطين ثانياً