ثمّ مكث في مَدين عند شعيب النبيّ عليه السلام، وتزوّج إحدى بنتيه .
ثمّ لمّا قضى موسَى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطور ناراً وقد ضلّوا الطريق في ليلةٍ شاتيةٍ ، فأوقفهم مكانهم وذهب إلَى النّار ليأتيهم بقبسٍ أو يجد علَى النار هدى، فلمّا أتاها ناداه اللَّه من شاطئ الواديالأيمنفي البقعةالمباركة من الشجرة ، وكلّمه واجتباه وآتاه معجزة العصا واليد البيضاء في تسع آيات ، واختاره للرسالة إلى فرعون وملئه وإنجاء بني إسرائيل وأمره بالذهاب إليه .
فأتى فرعون ودعاه إلى كلمة الحقّ وأن يرسل معه بني إسرائيل ولا يعذّبهم ، وأراه آية العصا واليد البيضاء فأبى ، وعارضه بسحر السَّحَرة وقد جاؤوا بسحر عظيمٍ من ثعابين وحيّات ، فألقى عصاه فإذا هي تلقف ما يأفكون ، فاُلقي السّحرة ساجدين قالوا : آمنّا بربّ العالمين ربّ موسى وهارون ، وأصرّ فرعون على جحوده وهدّد السَّحَرة ولم يؤمن.
فلم يزل موسى عليه السلام يدعوه وملأه ويريهم الآية بعد الآية كالطوفان والجراد والقُمّل والضفادع والدم آياتٍ مفصّلاتٍوهميصرّون علَى استكبارهم ، وكلّما وقع عليهم الرّجز قالوا : يا موسى ، ادع لنا ربّك بما عَهِد عندك لئن كشفت عنّا الرجز لنؤمننّ لك ولنرسلنّ معك بني إسرائيل ، فلمّا كشف اللَّه عنهم الرجز إلى أجل هم بالغوه إذا هم ينكثون .
فأمره اللَّه أن يسري ببني إسرائيل ليلاً ، فساروا حتّى بلغوا ساحل البحر ، فعقّبهم فرعون بجنوده،فلمّا تراءىالفريقان قال أصحاب موسى : إنّا لَمُدرَكون . قال : كلّا إنّ معي ربّي سيهدين . فاُمر بأن يضرب بعصاه البحر فانفلق الماء فجاوزوا البحر ، وأتبعهم فرعون وجنوده حتّى إذا ادّاركوا فيها جميعاً أطبق اللَّه عليهم الماء فأغرقهم عن آخرهم .
ولمّا أنجاهم اللَّه من فرعون وجنوده وأخرجهم إلَى البرّ ولا ماء