فيه ولا كلأ أكرمهم اللَّه فأنزل اللَّه عليهم المنّ والسّلوى ، واُمر موسى فضرب بعصاه الحجر فانبجست منه اثنتا عشرة عيناً قد علم كلّ اُناس مشربهم ، فشربوا منها وأكلوا منهما وظلّلهم الغمام .
ثمّ واعد اللَّه موسى أربعين ليلةً لنزول التوراة بجبل الطور ، فاختار قومه سبعين رجلاً ليسمعوا تكليمه تعالى إيّاه ، فسمعوا ثمّ قالوا : لن نؤمن لك حتّى نرَى اللَّه جهرةً ، فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون ، ثمّ أحياهم اللَّه بدعوة موسى ، ولمّا تمّ الميقات أنزل اللَّه عليه التوراة وأخبره أنّ السامريّ قد أضلّ قومه بعده فعبدوا العجل .
فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفاً ، فأحرق العجل ونسفه في اليمّ وطرد السامريّ وقال له : اذهب فإنّ لك في الحياة أن تقول لا مساس . وأمّا القوم فاُمروا أن يتوبوا ويقتلوا أنفسهم ، فتيب عليهم بعد ذلك ، ثمّ استكبروا عن قبول شريعة التوراة حتّى رفع اللَّه الطور فوقهم .
ثمّ إنّهم ملّوا المنّ والسّلوى وقالوا : لن نصبر على طعام واحد ، وسألوه أن يدعو ربّه أن يُخرج لهم ممّا تنبت الأرض من بقلها وقثّائها وفومها وعدسها وبصلها ، فاُمروا أن يدخلوا الأرض المقدّسة الّتي كتب اللَّه لهم فأبوا، فحرّمها اللَّه عليهم وابتلاهم بالتِّيه يتيهون في الأرض أربعين سنة .
ومن قصص موسى عليه السلام ما ذكره اللَّه في سورة الكهف من مضيّه مع فتاه إلى مجمع البحرين للقاء العبد الصالح وصحبته حتّى فارقه .
3 . منزلة هارون عليه السلام عند اللَّهِ وموقفه العبوديّ :
أشركه اللَّه تعالى مع موسى عليهما السلام في سورة الصافّات في المنّ وإيتاء الكتاب والهداية إلَى الصراط المستقيم وفي التسليم وأنّه من المحسنين ومن عباده المؤمنين (الصافّات : 114 - 122) وعدّه مرسلاً (طه : 47) ونبيّاً (مريم : 53) وأنّه ممّن أنعم عليهم