النبوّة الخاصّة - الصفحه 120

مفارقته ونفسه غير راضية بها ، فاستدعى‏ منه مصاحبة مؤجّلة بسؤال آخر إن أتى به كان له فراقه ، واستمهله قائلاً : إن سألتك عن شي‏ء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدنّي عذراً ، وقبله العالم .
فانطلقا حتّى‏ أتيا قرية - وقد بلغ بهما الجوع - فاستطعما أهلها فلم يضيّفهما أحد منهم ، وإذا بجدار فيها يريد أن ينقضّ ويتحذّر منه الناس فأقامه العالم ، قال له موسى‏ : لو شئتَ لاتّخذتَ على عملك منهم أجراً فتوسّلنا به إلى سدّ الجوع ، فنحن في حاجة إليه والقوم لا يضيّفوننا !
فقال له العالم : هذا فراقُ بيني وبينك ، ساُنبّئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبراً . ثمّ قال : أمّا السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر ويتعيّشون بها ، وكان وراءهم ملك يأخذ كلّ سفينة غصباً، فخرقتُها لتكون مَعيبة لا يرغب فيها.
وأمّا الغلام فكان كافراً وكان أبواه مؤمنَين ، ولو أنّه عاش لأرهقهما بكفره وطغيانه ، فشملتهما الرحمة الإلهيّة ، فأمرني أن أقتله ليبدلهما ولداً خيراً منه زكاةً وأقرب رُحماً ، فقتلته .
وأمّا الجدار فكان لغلامَين يتيمَين في المدينة وكان تحته كنز لهما ، وكان أبوهما صالحاً ، فشملتهما الرحمة الإلهيّة لصلاح أبيهما ، فأمرني أن اُقيمه فيستقيم حتّى‏ يبلغا أشدّهما ويستخرجا كنزهما ، ولو انقضّ لظهر أمر الكنز وانتهبه الناس .
قال : وما فعلت الذي فعلت عن أمري بل عن أمر من اللَّه، وتأويلها ما أنبأتك به، ثمّ فارق موسى‏.

2 . قصّة الخضر عليه السلام:

لم يرد ذكره في القرآن إلّا ما في قصّة رحلة موسى‏ إلى‏ مجمع البحرين ، ولا ذكر شي‏ء من جوامع أوصافه إلّا ما في قوله تعالى‏ : (فوَجَدا عَبْداً مِن عِبادِنا آتَيْناهُ رَحمَةً مِن عِندِنا وعَلَّمْناهُ مِن لَدُنّا

الصفحه من 262