النبوّة الخاصّة - الصفحه 209

الغضب والسخط عليهم ، فكان ظاهر حاله حال من يأبق من ربّه مغاضباً عليه ظانّاً أنّه لا يقدر عليه ، وركب البحر في فُلك مشحون ، فعرض لهم حوت عظيم لم يجدوا بدّاً من أن يلقوا إليه واحداً منهم يبتلعه وينجو الفلك بذلك ، فساهموا وقارعوا فيما بينهم فأصابت يونس عليه السلام ، فألقوه في البحر فابتلعه الحوت ونجت السفينة .
ثمّ إنّ اللَّه سبحانه حفظه حيّاً سويّاً في بطنه أيّاماً وليالي ، ويونس عليه السلام يعلم أنّها بليّة ابتلاه اللَّه بها مؤاخذة بما فعل ، وهو ينادي في بطنه أن (لا إلهَ إلّا أنْتَ سُبْحانَكَ إنّي كُنْتُ مِن الظّالِمينَ) .
فاستجاب اللَّه له ، فأمر الحوت أن يلفظه ، فنبذه بالعراء وهو سقيم ، فأنبت اللَّه سبحانه عليه شجرة من يقطين يستظلّ بأوراقها ، ثمّ لمّا استقامت حاله أرسله إلى قومه ، فلبّوا دعوته وآمنوا به فمتّعهم اللَّه إلى حين .
والأخبار الواردة من طرق أئمّة أهل البيت عليهم السلام على كثرتها ، وبعض الأخبار من طرق أهل السنّة ، مشتركة المتون في قصّة يونس عليه السلام على النحو الذي يستفاد من الآيات ، وإن اختلفت في بعض الخصوصيّات الخارجة عن ذلك .۱

2 . قصّته عليه السلام عند أهل الكتاب :

هو عليه السلام مذكور باسم يوناه بن إمتاي في مواضع من العهد القديم ، وكذا في مواضع من العهد الجديد اُشير في بعضها إلى‏ قصّة لبثه في بطن الحوت ، لكن لم تذكر قصّته الكاملة في شي‏ء منهما .
ونقل الآلوسي في روح المعاني في قصّته عند أهل الكتاب - ويؤيّده ما في بعض كتبهم - من إجمال‏۲القصّة :
أنّ اللَّه أمره بالذهاب إلى‏ دعوة أهل نينوى‏ وكانت إذ ذاك عظيمة جدّاً

1.قال العلّامة الطباطبائيّ : ولذلك لم نوردها لأ نّها في نفسها آحادلا حجّيّة لها في مثل المقام ولا يمكن تصحيح خصوصياتها بالآيات ، وهو ظاهر لمن راجعها .

2.قاموس الكتاب المقدّس (كما في هامش المصدر).

الصفحه من 262