النبوّة الخاصّة - الصفحه 211

والبهائم طعاماً ولا شراباً . وجأروا إلَى اللَّه تعالى‏ ورجعوا عن الشرّ والظلم ، فرحمهم اللَّه ولم ينزل بهم العذاب .
فحزن يونس وقال : إلهي من هذا هربت ، فإنّي علمت أنّك الرحيم الرؤوف الصبور التوّاب . ياربّ، خذ نفسي فالموت خير لي من الحياة ، فقال : يا يونس ، حزنت من هذا جدّاً ؟ فقال : نعم ياربّ .
وخرج يونس وجلس مقابل المدينة ، وصنع له هناك مظلّة وجلس تحتها إلى‏ أن يرى ما يكون في المدينة ، فأمر اللَّه يقطيناً فصعد على‏ رأسه ليكون ظِلّاً له من كربه ، ففرح باليقطين فرحاً عظيماً ، وأمر اللَّه تعالى دودة فضربت اليقطين فجفّ ، ثمّ هبّت ريح سموم وأشرقت الشمس على‏ رأس يونس ، فعظم الأمر عليه واستطاب الموت .
فقال الربّ : يايونس ، أحزنت جدّاً علَى اليقطين ؟ فقال : نعم ياربّ حزنت جدّاً ، فقال تعالى‏ : حزنت عليه وأنت لم تتعب فيه ولم تربّه بل صار من ليلته وهلك من ليلته ، فأنا لا أشفق على‏ نينوى‏ المدينة العظيمة التي فيها أكثرمن اثنا عشر ربوة من الناس ؟! قوم لا يعلمون يمينهم ولا شمالهم وبهائمهم كثيرة! انتهى‏ .
وجِهات اختلاف القصّة مع ما يستفاد من القرآن الكريم ظاهرة ، كالفرار من الرسالة وعدم رضاه برفع العذاب عنهم مع علمه بإيمانهم وتوبتهم .
فإن قلت : نظير ذلك وارد في القرآن الكريم ، كنسبة الإباق إليه في سورة الصافّات ، وكذا مغاضبته وظنّه أنّ اللَّه لن يقدر عليه على ما في سورة الأنبياء .
قلت : بين النسبتين فرق ؛ فكتبهم المقدّسة أعني العهدَين لا تأبى عن نسبة المعاصي حتَّى الكبائر الموبقة إلَى الأنبياء : ، فلا موجب لتوجيه ما نسب من المعاصي إليه بما يخرج به

الصفحه من 262