اللَّه سبحانه واتّباعه ، حتّى يهديه إلى مستقيم الصراط ، ويبعده من ولاية الشيطان . ولم يزل يحاجّه ويلحّ عليه حتّى زبره وطرده عن نفسه ، وأوعده أن يرجمه إن لم ينتهِ عن ذكر آلهته بسوء والرغبة عنها ، فتلطّف إبراهيم عليه السلام إرفاقاً به وحناناً عليه - وقد كان ذا خُلق كريم وقول مرضيّ - فسلّم عليه ووعده أن يستغفر له ويعتزله وقومه وما يعبدون من دون اللَّه (مريم : 41 - 48) .
وقد كان من جانب آخر يحاجّ القوم في أمر الأصنام (الأنبياء : 51 - 56 ، الشعراء : 69 - 77 ، الصافّات : 83 - 87) ويحاجّ أقواماً آخرين منهم يعبدون الشمس والقمر والكوكب في أمرها حتّى ألزمهم الحقّ ، وشاع خبره في الانحراف عن الأصنام والآلهة (الأنعام : 74 - 82) حتّى خرج القوم ذات يوم إلى عبادةٍ جامعة خارجَ البلد واعتلّ هو بالسقم فلم يخرج معهم وتخلّف عنهم، فدخل بيت الأصنام فراغ على آلهتهم ضرباً باليمين فجعلهم جُذاذاً إلّا كبيراً لهم لعلّهم إليه يرجعون ، فلمّا تراجعوا وعلموا بما حدث بآلهتهم وفتّشوا عمّن ارتكب ذلك قالوا : سمعنا فتىً يذكرهم يقال له : إبراهيم .
فأحضروه إلى مجمعهم فأتوا به على أعين الناس لعلّهم يشهدون ، فاستنطقوه فقالوا : أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم ؟ قال : بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون ، وقد كان أبقى كبيرَ الأصنام ولم يجذّه ووضع الفأس على عاتقه أو ما يقرب من ذلك ؛ ليشهد الحال على أ نّه هو الذي كسر سائر الأصنام .
وإنّما قال عليه السلام ذلك وهو يعلم أ نّهم لا يصدّقونه على ذلك وهم يعلمون أ نّه جماد لايقدر على ذلك ، لكنّه قال ما قال ليعقّبه بقوله : فاسألوهم إن كانوا ينطقون ، حتّى يعترفوا بصريح القول بأنّهم جمادات لا حياة لهم ولا شعور . ولذلك لمّا سمعوا قوله رجعوا إلى