أنفسهم ، فقالوا : إنّكم أنتم الظالمون ، ثمّ نُكِسوا على رؤوسهم ، لقد علمتَ ما هؤلاء ينطقون ، قال : أفتعبدون من دون اللَّه مالا يضرّكم ولاينفعكم ؟ ! اُفٍّ لكم ولما تعبدون من دون اللَّه ، أفلا تعقلون ؟ ! أتعبدون ما تنحتون واللَّه خلقكم وما تعملون ؟ !
قالوا : حَرِّقوه وانصروا آلهتكم ، فبنوا له بنياناً وأسعروا فيه جحيماً من النار ، وقد تشارك في أمره الناس جميعاً وألقوه في الجحيم ، فجعله اللَّه بَرداً عليه وسلاماً وأبطل كيدهم (الأنبياء : 57 - 70 ، الصافّات : 88 - 98) وقد اُدخل في خلال هذه الأحوال علَى الملك ، وكان يعبده القوم ويتّخذونه ربّاً ، فحاجّ إبراهيم في ربّه ، فقال إبراهيم : ربّي الذي يحيي ويميت ، فغالطه الملك وقال : أنا اُحيي واُميت كقتل الأسير وإطلاقه ، فحاجّه إبراهيم بأصرح ما يقطع مغالطته فقال : إنّ اللَّه يأتي بالشمس من المشرق فأْت بها من المغرب ، فبهت الذي كفر (البقرة : 258) .
ثمّ لمّا أنجاه اللَّه من النار أخذ يدعو إلَى الدين الحنيف دين التوحيد ، فآمن له شرذمة قليلة ، وقد سمّى اللَّه تعالى منهم لوطاً ومنهم زوجته التي هاجر بها ، وقد كان تزوّج بها قبل الخروج من الأرض إلَى الأرض المقدّسة .۱
ثمّ تبرّأ هو عليه السلام ومن معه من المؤمنين من قومهم ، وتبرّأ هو من آزر الذي كان يدعوه أباً ولم يكن بوالده الحقيقيّ۲
، وهاجر ومعه زوجته ولوط إلَى الأرض المقدّسة ليدعو اللَّه سبحانه من غير معارض يعارضه من قومه الجفاة الظالمين (الممتحنة : 4 ، الأنبياء : 71). وبشّره اللَّه سبحانه هناك
1.الدليل على إيمان جمع من قومه به قوله تعالى : (قَدْ كانَتْ لَكُمْاُسْوَةٌ حَسَنَةٌ في إبراهِيمَ والَّذِينَ مَعَهُ إذْ قالُوا لِقَومِهِمْ إنّا بُرَآءُمِنْكُم) (الممتحنة : ۴) . والدليل على تزوّجه قبل الخروج إلَىالأرض المقدّسة سؤاله الولدَ الصالح من ربّه في قوله : (وَقالَإنّي ذاهِبٌ إلى رَبِّي سَيَهْدِينِ * رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحينَ) (الصافّات : ۹۹ ، ۱۰۰). (كما في هامش المصدر) .
2.وقد تقدّم استفادة ذلك من دعائهالمنقول فيسورة إبراهيم.(كمافي هامش المصدر).