النبوّة الخاصّة - الصفحه 60

أدبارهم ، ولا يلتفت منهم أحد إلّا امرأته ؛ فإنّه مصيبها ما أصابهم . وأخبروه أ نّهم سيُهلكون القوم مصبحين (هود: 81 ، الحِجْر: 66) . فأخذت الصيحةُ القوم مُشرِقين ، وأرسل اللَّه عليهم حجارة من طين مُسوَّمة عند ربّك للمسرفين ، وقلبَ مدائنهم عليهم فجعل عاليَها سافلَها ، وأخرج من كان فيها من المؤمنين فلم يجد فيها غير بيت من المسلمين وهو بيت لوط ، وترك فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم (الذاريات : 37 وغيرها) .
وفي اختصاص الإيمان والإسلام بيت لوط عليه السلام وشمول العذاب لمدائنهم دلالة ، أوّلاً: على‏ أنّ القوم كانوا كفّاراً غير مؤمنين ، وثانياً : على‏ أنّ الفحشاء ما كانت شائعة فيما بين الرجال منهم فحسب ؛ إذ لو كان الأمر على‏ ذلك والنساء بريئات منها وكان لوط يدعو الناس إلَى الرجوع إلى‏ سبيل الفطرة وسنّة الخلقة - التي هي مواصلة الرجال والنساء - لاتّبعته عدّة من النساء واجتمعن حوله وآمنّ به طبعاً ، ولم يذكر من ذلك شي‏ء في كلامه سبحانه . وفي ذلك تصديق ما تقدّم في الأخبار المأثورة أنّ الفحشاء شاعت بينهم ، واكتفَى الرجال بالرجال باللواط ، والنساء بالنساء بالسحق .
۳ . شخصيّة لوط عليه السلام المعنويّة :
كان عليه السلام رسولاً من اللَّه إلى‏ أهل المؤتفكات وهي مدينة سَدوم وما والاها من المدائن ، ويقال : كانت أربع مدائن : سَدوم وعَمورة وصوغر وصبوييم ، وقد أشركه في جميع المقامات الروحيّة التي وصف بها أنبياءه الكرام .
وممّا وصفه به خاصّة ما في قوله : (ولُوطاً آتَيْناهُ حُكْماً وعِلْماً ونَجَّيْناهُ مِن القَرْيَةِ الّتي كانَتْ تَعْمَلُ الخَبائِثَ إنّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فاسِقينَ * وأدْخَلْناهُ في رَحْمَتِنا إنّهُ مِنَ الصّالِحينَ) .۱

1.الأنبياء : ۷۴ ، ۷۵ .

الصفحه من 262