وثانياً : أ نّه كان مؤمناً باللَّه واليوم الآخر ومتديّناً بدين الحقّ ، كما يظهر من قوله : (هذا رَحمَةٌ مِن رَبِّي فإذا جاءَ وَعْدُ ربِّي جَعَلَهُ دَكّاءَ وكانَ وَعْدُ رَبِّي حَقّاً)۱ وقوله : (أمّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إلى رَبِّهِ فيُعَذِّبُهُ عَذاباً نُكْراً * وأمّا مَنْ آمَنَ وعَمِلَ صالِحاً...)۲ إلخ . ويزيد في كرامته الدينيّة أنّ قوله تعالى : (قُلْنا يا ذاالقَرْنَينِ إمّا أنْ تُعَذِّبَ وإمّا أنْ تَتَّخِذَ فيهِم حُسْناً)۳ يدلّ على تأييده بوحيٍ أو إلهامٍ أو نبيٍّ من أنبياء اللَّه كان عنده يسدّده بتبليغ الوحي .
وثالثاً : أ نّه كان ممّن جمع اللَّه له خير الدنيا والآخرة ؛ أمّا خير الدنيا فالمُلك العظيم الذي بلغ به مغرب الشمس ومطلعها فلم يقم له شيء، وقد ذلّت له الأسباب . وأمّا خير الآخرة فبسط العدل ، وإقامة الحقّ ، والصفح ، والعفو، والرفق ، وكرامة النفس ، وبثّ الخير ، ودفع الشرّ . وهذا كلّه ممّا يدلّ عليه قوله تعالى : (إنّا مَكَّنّا لَهُ في الأرْضِ وآتَيْناهُ مِن كُلِّ شيءٍ سَبَباً)۴ مضافاً إلى ما يستفاد من سياق القصّة من سيطرته الجسمانيّة والروحانيّة .
ورابعاً : أ نّه صادف قوماً ظالمين بالمغرب فعذّبهم .
وخامساً : أنّ الردم الذي بناه هو في غير مغرب الشمس ومطلعها ؛ فإنّه بعدما بلغ مطلع الشمس أتبع سبباً حتّى إذا بلغ بين السدّين . ومن مشخّصات ردمه - مضافاً إلى كونه واقعاً في غير المغرب والمشرق - أ نّه واقع بين جبلَين كالحائطين ، وأ نّه ساوى بين صدفيهما ، وأ نّه استعمل في بنائه زبر الحديد والقطر ، ولا محالة هو في مضيق هو الرابط بين ناحيتَين من نواحي الأرض المسكونة .
2 . ذكرى ذيالقَرنَين عليه السلام والسدّ ويأجوج ومأجوج :
في أخبار الماضين لم يذكر القدماء