شَرِبوا بكأسِ الصَّفاءِ ، فأورَثَهُمُ الصَّبرَ على طُولِ البَلاءِ ، فَقَرَّت أعيُنُهُم بما وَجَدوا منَ العِينِ ، حتّى تَوَلَّهَت قُلوبُهُم في المَلَكوتِ ، وجالَت بَينَ سَرائرِ حُجُبِ الجَبَروتِ ، ومالَت أرواحُهُم إلى ظِلِّ بَردِ المُشتاقينَ، في رِياضِ الرّاحَةِ ، ومَعدِنِ العِزِّ ، وعَرَصاتِ المُخَلَّدينَ .۱
۲۰۱۰۲.عنه عليه السلام- وهُو مُتَعَلِّقٌ بأستارِ الكَعبَةِ -: نامَتِ العُيونُ ، وعَلَتِ النُّجومُ ، وأنتَ المَلِكُ الحَيُّ القَيُّومُ ، غَلَّقَتِ المُلوكُ أبوابَها، وأقامَت علَيها حُرّاسَها ، وبابُكَ مَفتوحٌ للسّائلينَ ، جِئتُكَ لِتَنظُرَ إلَيَّ برَحمَتِكَ يا أرحمَ الرّاحِمينَ . ثُمّ أنشَأ يقولُ :
يا مَن يُجيبُ دُعا المُضطَرِّ في الظُّلَمِيا كاشِفَ الضُّرِّ والبَلوى مَع السَّقَمِ
قد نامَ وَفدُكَ حَولَ البَيتِ قاطِبَةًوأنتَ وَحدَكَ يا قَيّومُ لَم تَنَمِ
أدْعوكَ ربِّ دُعاءً قَد أمَرتَ بهِفارحَمْ بُكائي بحقِّ البَيتِ والحَرَمِ
إنْ كانَ عَفوُكَ لا يَرجوهُ ذُو سَرَفٍفمَن يَجودُ علَى العاصينَ بالنِّعَمِ؟!۲
۲۰۱۰۳.عنه عليه السلام- كانَ يَدعو بهذا الدُّعاءِ -: إلهي، وعِزَّتِكَ وجَلالِكَ وعَظَمَتِكَ ، لَو أنّي مُنذُ بَدَعتَ فِطرَتي - مِن أوّلِ الدَّهرِ - عَبَدتُكَ دَوامَ خُلودِ رُبوبِيَّتِكَ بكُلِّ شَعرَةٍ في كُلِّ طَرفَةِ عَينٍ سَرمَدَ الأبَدِ بحَمدِ الخَلائقِ وشُكرِهِم أجمَعينَ ، لَكُنتُ مُقَصِّراً في بُلوغِ أداءِ شُكرِ أخفى نِعمَةٍ مِن نِعمَتِكَ علَيَّ .
1.بحار الأنوار : ۹۴ / ۱۲۷ / ۱۹ .
2.بحار الأنوار : ۴۶ / ۸۰ / ۷۵ . هذه الأبيات أنشدها الإمام زينالعابدين عليه السلام ولم ينشئها ، إذ إنّ البيت الأوّل والثاني والرابع منها عين ما ورد من شعر منازل الذي فلج نصفُه وشلّ بسبب دعاء أبيه عليه عند البيت الحرام ، ولمّا تضرّع منازل إلى أبيه بالعفو عنه وأقنعه بإتيان البيت الحرام ليستغفر له ونفرت به الناقة في الطريق وهلك ، جاء منازل إلَى البيت مستغيثاً ومستجيراً، فكان من قوله في جوف الليل :
يا من يجيب دعا المضطرّ في الحرمِيا كاشف الضرّ والبلوى مع السَّقَمِقد نام وفدك حول البيت وانتبهوايدعو وعينك يا قيّوم لم تَنَمِهب لي بجودك فضل العفو عن جرمييامن أشار إليه الخلق في الحرمِإن كان عفوك لا يلقاه ذو سرففمن يجود علَى العاصين بالنِّعَمِ ؟ !
فسمعه الإمام أمير المؤمنين عليه السلام وأغاثه وعلّمه الدعاء المعروف بدعاء المشلول .
وقدذكر الحديث كلّه والشعر والدعاء العلّامة المجلسيّ؛ في بحار الأنوار : ج ۴۶ ص ۸۰ .