شرح الغريب: قوله: (ولكن نصفاً) أي إنصافاً وعدلاً، وفي الديوان: ولكن عدلاً، ومن مناف : يريد به عبدمناف بن قصي على حسب النسبة إليه، و(هاشم) معطوف على (عبد شمسٍ) لا على (منافٍ) كما تصوره بعض الشارحين لأنّه يترتّب عليه فساد المعنى، لأنّ عبد شمس وهاشماً أخوان، وهما ابنا عبد مناف بن قصي. ومراد الشاعر أنّه ليس من الإنصاف أن يسبّ بني مقاعس ۱ بآبائه لما لآبائه من الشرف والكرامة، ولو كان قد تسابّ مع أشراف قريش من بني عبدشمس وهاشم لكان إنصافاً في المهاجاة والمسابّة، ولكان حرياً به لأنّهم يوازون آباء ه في الشرف والعظمة.
الشاهد فيه: قوله: (سببت وسبني بنو عبدشمسٍ) فإنّ هذه العبارة من باب التنازع حيث تقدّم فيها عاملان: وهما قوله : (سببت) وقوله: (سبني) وتأخّر عنهما معمول واحد وهو قوله : (بنو عبدشمس) والأوّل يطلبه مفعولاً، والثاني يطلبه فاعلاً، وقد أعمل فيه الثاني، ولو أنّه أعمل الأوّل لقال: (سببت وسبوني بني عبدشمس) بنصب (بني) وإظهار الضمير في (سبني).
وقد استشهد به الشيخ الطوسي في معرض حديثه عن آية الوضوء، قوله تعالى: فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين۲.
ففي حال قراء ة الأرجل بالنصب، فإنّ عطف الأرجل على موضع الرؤوس أولى، وذلك لأنّ الكلام إذا حصل فيه عاملان أحدهما قريب والآخر بعيد، فإعمال الأقرب أولى من أعمال الأبعد، وقد نصّ أهل العربية على هذا، وجاء القرآن الكريم
1.وهم حي من تميم، رهط جرير الشاعر ، و مقاعس هو الحارث بن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم.
2.سورة المائدة: ۵ / ۶.