الشواهدالشعرية ومناسباتهافي الكتب الأربعة الحديثيّة - الصفحه 104

صفة للبرق بمعنى مكّل، مثل أليم وسميع بمعنى مُؤلِم ومُسمِع، وموهناً: أي وقتاً من الليل، والمعنى أنّ البرق يكلّ أوقات الليل بدوامه فيه وتوالي لمعانه، كما يقال: أتعبت ليلك، أي سرت فيه سيراً حثيثاً متعباً متوالياً، والعَمِل: ذو العمل الدائب الذي لا يفتر، وباتت طراباً: أي باتت البقر وقد استخفّها الشوق والفرح إلى البرق، وبات الليلَ: أي بات البرقُ الليلَ أجمع لا يفتر متّصلاً من أوّل الليل إلى آخره.
الشاهد فيه: قوله (كليلٌ مَوهِناً) فقد نصب (موهناً) بكليل على المجاز والاتّساع مع أنّ اسم الفاعل من (كليل) غير متعدٍّ، وذلك لأنّ (كليل) هنا بمعنى (مكلّ) فعمل عمله، لأنّه مغيّر منه لمعنى التكثير والمبالغة.
وقد أنشده سيبويه على إعمال فعيل، لكن طعن بعض النحاة في البيت، من جهة استشهاده، واعتبر الطاعنون (كليل) بمعنى (كالّ) وفعله لا يتعدّى في الأصل، و(موهناً) في البيت منصوب على الظرفيه لا المفعولية، وجعلوا معنى كليل ضعيف، أي أنّ البرق كليل في نفسه.
وقد اعتبر أغلب النحاة تأويل الطاعنين غير صحيح ۱ ، لأنّ صدر البيت وعجزه ينافيه، إذ لو كان (كليل) بمعنى ضعيف، لم يقلّ (عمِل) وهو الكثير العمل، ولا وصفه بقوله: (وبات الليل لم ينم) ، ولو كان البرق ضعيفاً لما ساق البقر ، لأنّه لا يدلّ على المطر.
واعتُذِر لسيبويه من حيث الإعراب، بأنّ (كليلاً) بمعنى (مُكِلّ) فموهناً مفعوله على المجاز، كما يقال: أتعبت يومك، أو أتعبت ليلك، ففعيل مبالغة (مُفعِل) لا (فاعل).
واستشهد به الشيخ الطوسي في (التهذيب) لنفس الغرض الذي ذكرناه ، وذلك في أوّل باب (المياه وأحكامها وما يجوز التطهّر به وما لا يجوز) حيث قال رحمه الله :

1.راجع خزانة الأدب۸: ۱۵۵ ـ ۱۶۱.

الصفحه من 120