الشواهدالشعرية ومناسباتهافي الكتب الأربعة الحديثيّة - الصفحه 15

الاستشهاد بالقرآن والحديث

أجمع علماء اللغة والنحو على اتّخاذ القرآن الكريم على رأس مراجع الاحتجاج في جميع علوم اللغة، لإثبات صحّة لفظ أو تركيب أو معنىً من المعاني ۱ ، وذلك باعتباره قمّة البلاغة والفصاحة في اللغة العربية، وأعلى مراحل البيان العربي الذي أعجز العرب عن أن يأتوا بمثله، فقد سفّه أحلامهم، وسخر منهم، وتحدّاهم في عقر دارهم ـ وهم أهل الفصاحة والبيان ـ حين وصفهم بالعجز عن الإتيان بسورةٍ واحدة من مثله، ووصف الإنس والجنّ بالعجز عن الإتيان بمثله ولو كان بعضهم لبعضٍ ظهيراً.
أمّا الحديث النبوي الشريف، فمن المسلّم به أنّ رسول الله صلّى الله عليه و آله كان أفصح من نطق بالضاد، فهو القائل: «أنا من قريش، بيد أنّي أفصح العرب...» ۲ ولم يكن صلّى الله عليه و آله يتكلّم إلا بأفصح اللغات وأحسن التراكيب وأشهرها وأجزلها، وعلى ذلك إجماع المسلمين منذ فجر الرسالة إلى يومنا هذا، ورغم ذلك فقد وقع الاختلاف بين اللغويين والنحويين في صحّة الاحتجاج بالحديث، فاللغويون لا يوجد بينهم من منع الاستشهاد بالحديث لأجل الاستدلال على معاني اللغة، ومصادر فقه اللغة والمعاجم اللغوية زاخرة بالأحاديث والأخبار، أمّا النحاة فقد اختلفوا في ذلك بين مانعٍ ومجوّزٍ وآخر متوسّط بينهما.

1 ـ المانعون من الاستشهاد بالحديث

ذكر أبو حيّان في (شرح التسهيل) أنّ الواضعين الأولين لعلم النحو، المستقرئين للأحكام من لسان العرب كأبي عمرو بن العلاء وعيسى بن عمر والخليل وسيبويه من أئمّة البصريين، والكسائي والفرّاء وعلي بن المبارك الأحمر

1.راجع المعجم المفصلّ / ميشال عاصي وإميل بديع۱: ۴۸.

2.الشفا / القاضي عياض ۱ : ۱۷۸ ، الفائق / الزمخشري ـ بيد ـ ۱ : ۱۲۶ .

الصفحه من 120