الشواهدالشعرية ومناسباتهافي الكتب الأربعة الحديثيّة - الصفحه 21

النصوص في منظومة الاحتجاج.
2 ـ وضع العلماء شروطاً مشدّدة لتجويز الرواية بالمعنى، ويأتي على رأسها إصابة المعنى وضبطه ، والتي تتطلّب أن يكون الراوي عالماً عارفاً بالألفاظ ومدلولاتها ومقاصدها، خبيراً بما يحيل معانيها، بصيراً بمقادير التفاوت بينها، وإلا فلا يجوز له الرواية بالمعنى، بل يتعيّن عليه أن يؤدّي نفس اللفظ الذي سمعه، لا يخرم منه شيئاً، ولا يبدّل لفظاً بلفظ ۱ .
ولذلك قصروا جواز الرواية بالمعنى على فترة وجيزة لا تتعدّى رجال الصدر الأوّل دون غيرهم، حيث كانت اللغة سليمة والسلائق على سجيّتها لم يصبها فساد أو لحن ۲ .
وعليه فالرواة بالمعنى ـ على فرض تبديلهم الألفاظ ـ إنّما كانوا ممّن يسوغ الاحتجاج بكلامهم ، وفق دائرة الاستشهاد اللغوي الزمانية، لأنّهم رووا ذلك قبل تغيير الألسنة وابتعاد الناس عن مصادر اللغة الأصلية.
3 ـ لا يمكن تعميم ظاهرة الرواية بالمعنى على كلّ مساحة الحديث النبوي الشريف، فقد وصل إلينا كثير من الأحاديث بمحكم ألفاظها ولم يطرأ عليها أدنى تغيير أو تبديل في كلماتها ، ولا أي لحن أو تحريف في حركاتها وحروفها، كألفاظ القنوت والتحيّات والأذكار والأدعية في الأماكن والحالات الخاصّة وغيرها ممّا وقع التعبّد بخصوص ألفاظها وأمر الشارع بتلاوتها بعينها ۳ .
وكذلك ما أريد به لفظه الخاص من متون الأحاديث التي يقصد بها الاستدلال على كمال فصاحته صلّى الله عليه و آله ومحاسن بيانه، كالخطب التي تُلقى في مناسبات خاصّة، والأمثال النبويّة، التي تتضمّن أساليب إنشائية وبلاغية راقية، والكلمات القصار

1.تدريب الراوي / السيوطي ۲: ۹۸، المحدّث الفاصل / الرامهرمزي: ۵۳۰.

2.راجع تدوين السنّة الشريفة / السيد الجلالي: ۵۰۸ ـ ۵۰۹.

3.راجع من أدب الدعاء في الإسلام / السيد الجلالي: ۱۷ من مجلّة تراثنا العدد ۱۴.

الصفحه من 120