الشواهدالشعرية ومناسباتهافي الكتب الأربعة الحديثيّة - الصفحه 23

بالمعنى، وسوف نتوفّر عليها لاحقاً إن شاء الله تعالى.
ثانياً: كون الرواة غير عربٍ بالطبع، فأوقعهم باللحن من حيث لا يشعرون. ويرد عليه أنّ ذلك يُقال في رواة الشعر والنثر ممّن أكثر النحاة من الاحتجاج بمرويّاتهم ، ومنهم حمّاد بن هرمز الديلمي ت 155 هـ ، والمعروف بحماد الراوية، فقد كان أصله من الديلم ۱ ، وخلف بن حيّان الأحمر ت 180 هـ، وهو من موالي فرغانة، وقيل: أصله من خراسان ۲ .
أمّا ادّعاء اللحن في الحديث فهو باطل، لأنّه إذا أريد به اللحن الذي هو من قبيل الخطأ في الإعراب بحيث لا يُمكن تخريجه على وجه من الوجوه أو على بعض لغات العرب، فهذا ما لا يوجد في الحديث، وإن أُريد أنّ أصل اللحن من الرواة، فإنّه إذا جاز إسقاط الحديث من دائرة الاحتجاج لأنّ الرواة يلحنون به، جاز إسقاط غيره لأنّ البعض يلحنُ به، وذلك أمر خطير لأنّه ينسحب إلى جميع مفردات الثقافة الإسلامية فيسقطها من الأساس.
هذا مع أنّ التشديد على دقّة اللفظ والمعنى وتواصل الإسناد ومعرفة الرجال، وغيرها من الضوابط المعروفة في علم الحديث، هي أقلّ مراعاة في رواية الشعر وغيره من الفنون الأدبية، ومن هنا كان الشعر أكثر تعرّضاً للحن والانتحال والتغيير من الحديث الشريف، فإذا كان اللحن عاملاً لإخراج الحديث عن دائرة الاحتجاج اللغوي، فالأولى إخراج غيره لشيوع اللحن فيه ولانعدام الضوابط التي تُعنى بالدقّة في النقل والتوثيق والدراية ومعرفة الصحيح من السقيم.
وكان بعض رواة الشعر معروفاً بكثرة اللحن والانتحال، ومع ذلك فقد أكثر النحاة من الاحتجاج بمرويّاتهم، ولم يكن اللحن وازعاً يحدّ من ذلك الاحتجاج،

1.المزهر / السيوطي۲: ۴۰۶، أعلام الزركلي۲: ۲۷۱.

2.فهرست ابن النديم: ۷۴، أعلام الزركلي۲: ۳۱۰.

الصفحه من 120