الشواهدالشعرية ومناسباتهافي الكتب الأربعة الحديثيّة - الصفحه 26

بروايته ومعرفة بدرايته، فآثروا رواية الشعر والأمثال والخطب على الخوض في غمار الحديث وتجشّم مشقّة روايته، خصوصاً وأنّ معظمهم من فرسان الأدب وقادته، وجلّهم من حفظة الشعر وروايته، فضلاً عن نظمه والتسامر به.
ولهذا نجد أنّ بعض متأخّري النحاة ممّن كانوا على اطّلاع بالحديث وطرق تحمّله و ضوابط معرفة الصحيح من السقيم، قد أجازوا الاستشهاد بالحديث مصرّحين بذلك في مصنّفاتهم، مستشهدين بنصوص كثيرة منه سيما بعد تحقّق الغرض الذي لأجله نهض النحاة المتقدّمون.
وبحمد الله سبحانه أنّ الدراسات اللغوية والنحوية المعاصرة تميل اليوم إلى الاحتجاج بالحديث، وقد خطت خطوات متقدّمة على صعيد البحث والدراسة، أغنت بها المكتبة الإسلامية والعربية، ومع ذلك ما زال أكثر الحديث أرضاً خصبةً بكراً ، وكنزاً لغوياً حافلاً بالمفردات الفصيحة والتراكيب البليغة ، فهو بحاجةٍ إلى مزيد من الدراسات اللغوية سيّما ما يخصّ نحو الحديث وصرفه وبلاغته .

موقف النحاة من حديث أهل البيت عليهم السّلام

حديث أهل بيت النبي صلّى الله عليه و آله عترته الميامين هو في الواقع قبسٌ من نور الكلام الإلهي ، وجذوة تضي ء بفصاحة المنطق النبوي الشريف، وهم معدن النبوّة وأعلام الهدى وأهل البلاغة والفصاحة.
قال أمير المؤمنين عليه السّلام : «إنّا لأمراء الكلام ، وفينا تنشّبت عروقه ، وعلينا تهدّلت غصونه»۱. وقال الإمام الصادق عليه السّلام : «اعربوا حديثنا، فإنّا قومٌ فصحاء»۲.
إنّ دراسة موقف النحاة الأوائل من حديث أهل البيت عليهم السّلام تكشف هي

1.نهج البلاغة: ۲۳۳ / ۳۵۴.

2.الكافي۱: ۵۲ / ۱۳ ـ كتاب فضل العلم ـ باب رواية الكتاب والحديث.

الصفحه من 120