الشواهدالشعرية ومناسباتهافي الكتب الأربعة الحديثيّة - الصفحه 27

الأخرى عن فساد الأسباب التي نسبت إلى طلائعهم في الابتعاد عن الحديث النبوي الشريف.
وربّما يرى البعض للوهلة الأولى أنّ النحاة قد فرّطوا بتلك الثروة اللغوية الزاخرة التي اكتنزها كلامهم عليهم السّلام ، ويعذرهم بنحو ما ذكروه من أسباب تحاشيهم للاستدلال بالحديث النبوي الشريف، من الرواية بالمعنى أو عجمة الناقلين!
وهذا ما لا يمكن قبوله مطلقاً، لأنّ الشبهة التي علقت بالحديث النبوي من خلال الملابسات التاريخية وموقف السلطة من تدوينه، لا أثر لها في حديث أهل البيت عليهم السّلام حتى يُقال بأنّ حديثهم روي بالمعنى، أو كانت ثمّة فترة بين صدوره وروايته أوجبت في البين اختلاط الألسن بنقله، ذلك لأنّ تدوين الحديث لم يتوقّف في مدرسة أهل البيت عليهم السّلام منذ فجر الإسلام حتى آخر عهد صدور الحديث عنهم عليهم السّلام ـ أي في آخر الغيبة الصغرى للإمام المهدي عليه السّلام وذلك سنة 329هـ ـ ومدوّنات أصحابهم شاهدة على ذلك ، وقد بقي بعضها إلى يومنا هذا ۱ .
وكانوا عليهم السّلام يحثّون أصحابهم على مباشرة الكتابة وتدوين العلم والحفاظ على أصولهم الحديثية، فقد روى الشيخ الكليني بالإسناد عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبدالله عليه السّلام يقول : «اكتبوا، فإنّكم لا تحفظون حتى تكتبوا»۲.
وعن عبيد بن زرارة، قال: قال أبو عبدالله عليه السّلام : «احتفظوا بكتبكم، فإنّكم سوف تحتاجون إليها»۳.
وطلائع التدوين في مدرسة أهل البيت عليهم السّلام بدأت منذ القرن الأوّل ، حيث كان أصحاب أمير المؤمنين عليه السّلام يدوّنون كلامه فور إلقائه، فقد روي بالإسناد عن

1.لاحظ تفصيل هذا الأمر في كتاب «تدوين السنّة الشريفة» للسيّد محمّدرضا الحسيني الجلالي .

2.الكافي۱: ۵۳ / ۹ ـ باب رواية الكتب والحديث وفضل الكتابة والتمسّك بالكتب ـ كتاب فضل العلم.

3.الكافي۱: ۵۲ / ۱۰ ـ الباب والفصل المتقدّمان.

الصفحه من 120