الشواهدالشعرية ومناسباتهافي الكتب الأربعة الحديثيّة - الصفحه 32

ذلك لأنّهم عاشوا التحوّلات السياسيّة والاجتماعيّة بكلّ مضامينها، وهم كبشر لا يستطيعون السباحة ضدّ التيّار الجارف الذي لم يبقِ شيئاً لأهل البيت عليهم السّلام ولم يذر.
أمّا بنو أمية فقد أمروا الناس بسبّ أمير المؤمنين عليه السّلام والبراء ة منه، وخطبوا بذلك على منابر المسلمين، حتى صار سنّة في أيّامهم، إلى أن قام عمر بن عبدالعزيز فأزاله ۱ .
ومنعوا من إظهار فضائله عليه السّلام وعاقبوا على ذلك الرواة لها حتى إنّ الرجل إذا روى عنه حديثاً لا يتعلّق بفضله بل بشرائع الدين لا يتجاسر على ذكر اسمه فيقول: عن أبي زينب ۲ .
أمّا في زمان بني العباس فقد كان الأمر أشدّ وأقسى، ويكفي الباحث أن ينظر إلى (مقاتل الطالبيين) ۳ ليرى القسوة والاضطهاد والمراقبة والقتل والسجن والتشريد الذي لاقاه أهل بيت المصطفى صلّى الله عليه و آله وذراريهم على أيدي رؤوس السلطة وأعوانهم ، ويكفي أن تسمع أبيات عبدالله الطوري وقد مرّ على قبر الإمام الحسين عليه السّلام بعد أن أمر المتوكّل العباسي بحرث بقعته وإجراء الماء عليها:

تالله إن كانت أميّة قد أتت-قتل ابن بنت نبيها مظلوما
فلقد أتاك بنو أبيه بمثلها-هذا لعمرك قبره مهدوما
أسفوا على أن لا يكونوا شايعوا-في قتله فتتبّعوه رميما۴
ولا يخفى أنّ في مثل تلك الظروف لا يمكن للنحوي أو اللغوي أن يجرؤ على الرواية لحديث أهل البيت عليهم السّلام أو الاستشهاد به .

1.شرح ابن أبي الحديد۴: ۵۶.

2.المصدر نفسه۴: ۷۳.

3.مقاتل الطالبيين / أبو الفرج: ۱۱۸ ـ ۴۵۹.

4.أمالي الطوسي: ۳۲۹ / ۶۵۷.

الصفحه من 120