الشواهدالشعرية ومناسباتهافي الكتب الأربعة الحديثيّة - الصفحه 54

شرح الغريب: الكُمت: جمع كُميت، وهو من الخيل ما كان لونه بين الحمرة والسواد، والكُميت مصغّر أكمت تصغير ترخيم، لأنّ أكمت غير مستعمل في اللغة، والمدمّاة: التي غلبت عليها الحمرة فكأنّها طُليت بالدم، والمتون: جمع متن، وهو الظهر، وجرى: سال، واستشعر الثوب : لبسه شعاراً، والشعار: ما يلي الجسد من الثياب، والمُذهَب: المموّه بالذهب، يُقال: فرس مُذهَب، أي تعلو حُمرته صُفرة.
الشاهد فيه: قوله: (لون مُذهب) وقد استشهد به الشيخ الطوسي على أنّ الكلام إذا حصل فيه عاملان أحدهما قريب والآخر بعيد، فإعمال الأقرب (وهو العامل الثاني) أولى من إعمال الأبعد.
والبيت يدخل في باب التنازع، فقد تقدّم عاملان ، وهما : قوله (جرى) وقوله (استشعرت) وتأخّر عنهما معمول واحد، وهو قوله (لونَ مذهب) وكلّ واحد من هذين العاملين يطلب هذا المعمول، فالعامل الأوّل يطلبه فاعلاً، والعامل الثاني يطلبه مفعولاً، وقد أعمل الشاعر الثاني منهما، فنصب (لون مذهب) باستشعرت، وأضمر في (جرى) فاعلاً دلّ عليه (لون مذهب)، ولو أعمل الأوّل لرفع (لون مذهب) وأظهر ضمير المفعول في (استشعرت) فقال: فاستشعرته.
وإنّما أورده الشيخ الطوسي هذا الشاهد في معرض حديثه عن آية الوضوء، قوله تعالى: وإذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين۱ ففي حال قراء ة (وأرجلكم) بالنصب، فأيّهما أولى: العطف على الوجوه، أم العطف على محلّ الرؤوس؟
يجيب الشيخ الطوسي رحمه الله بالقول: عطف (الأرجل) على موضع (الرؤوس) أولى مع القراء ة بالنصب، لأنّ نصب (الأرجل) لا يكون إلا على أحد الوجهين؛ إمّا

1.سورة المائده: ۵ / ۶.

الصفحه من 120