الشواهدالشعرية ومناسباتهافي الكتب الأربعة الحديثيّة - الصفحه 58

وأرجلكم إلى الكعبين 1 على قراء ة الجرّ، يكون بمجاورة (الرؤوس) وذلك يعني اشتراك الرأس والرجل في الحركة الإعرابية لا في الحكم. وقد ردّ الشيخ على هذا القول من عدّة وجوه:
أحدها: أنّه لا خلاف بين أهل العربية في أنّ الإعراب بالمجاورة [يكون في مواضع مسموعة عن العرب] لا يتعدّى إلى غيرها، وما هذه منزلته في الشذوذ والخروج عن الأصول لا يجوز أن يُحمل كلام الله تعالى عليه.
ثانيها: أنّ كلّ موضع أُعرب بالمجاورة مفقود منه حرف العطف الذي تضمّنته الآية ، وعليه اعتمدنا في تساوي حكم الأرجل والرؤوس، فلو كان ما ورد من حكم المجاورة يسوغ القياس عليه، لكانت الآية خارجة عنه ، لتضمّنها من دليل العطف ما فقدناه في المواضع المعربة بالمجاورة، ولا شبهة على أحدٍ ممّن يفهم العربية في أنّ المجاورة لا حكم لها مع العطف.
ثالثها: أنّ الإعراب بالجوار إنّما استحسن بحيث ترتفع الشبهة في المعنى، ألا ترى أنّ الشبهة زائلة في كون (ضربٍ) صفة للضب في قولهم: جحرُ ضبٍّ خربٍ ـ والمعرفة حاصلة بأنّه من صفات الجحر، وليس هكذا الآية؛ لأنّ الأرجل يصحّ أن يكون فرضها المسح كما يصحّ أن يكون الغسل، والشكّ حاصل في ذلك واقع غير ممتنع، فلا يجوز إعمال المجاورة فيها لحصول اللبس والشبهة 2 .
فإن قيل: كيف ادّعيتم أنّ المجاورة لا حكم لها مع واو العطف مع قول الشاعر (وأنشد البيت)؟ ثمّ قال الشيخ رحمه الله : فأمّا قول الشاعر: (فهل أنت إن ماتت...) البيت ، فيمكن أن يكون الوجه في (خاطب) الرفع، وإنّما جرّ الراوي

1.سورة المائدة: ۵ / ۶.

2.وقد أوردت السيدة هدى جاسم محمّد أبو طبرة عدّة وجوه محكمة في ردّ الإعراب بالمجاورة، خلال تحقيقها لرسالة (نهاية الإقدام في وجوب المسح على الأقدام)، للشهيد الثالث ، راجع مجلّة تراثنا العدد (۴۷ ـ ۴۸) ص: ۴۱۱ـ ۴۱۵.

الصفحه من 120